إياد الصالحي
خلدتْ جميع منتخبات آسيا التي ودّعت بطولة الإمارات من أدوارها السابقة الى الراحة، وانضمّ جميع اللاعبين الى انديتهم باستثناء من يخضع لمرحلة الاستشفاء تمهيداً لاستئناف منافسات دوري الكرة وتقييم المشاركة القارية بهدوء إلا منتخبنا الوطني واتحاده المرتبك مازالا على طاولة تشريح الإعلام الشَرِهْ لإثارة المزيد من الفضائح كمواد تسويقية لبرامج حوارية لا تقدّم أية حلول تعالج المشكلة بقدر ما تؤجّج غضب الشارع الرياضي وهو يتداول مقاطع ساخنة من فيديوهات الحلقات تحطّ من سمعة الكرة العراقية بانشراح تام من مقدم البرنامج ومُعدّه.
هناك من يفهم الحرية إنها ثرثرة بلا حدود يكفلها الدستور، يتحدّث ما يشاء ويتهم من يستهدف دون مراعاة مشاعر المُنتقِّد وأسرته ومكانته، وزاد البعض من وقاحته وهو يتفاخر باصطياده السلبيات أثناء مشاركة المنتخب الوطني في الإمارات ولو فتح فمه سيقلب الدنيا ويطيح بأشخاص أسهموا في انفلات الوضع بعد مباراة إيران وانعكس ذلك على التحضير لمباراة قطر، وليته يكشف ما عنده ويغلق ملف البطولة، بتصرفه هذا يعطي المبرر لمنتقديه أنه يمارس الابتزاز والضغط لغايات خاصة، وهنا لا نعني برنامجاً محدداً، بل هكذا تواصل الناس الفُرجة على آخر جيل إعلامي يُمارس تقديم برامج الرياضة كل حسب ثقافته وإدراكه اللذين يتكشفان مدى نجاحه أو فشله في رسالته الموجّهة عبر التلفاز والحكم للمُشاهد.
للأسف ترك البعض انطباعاً لدى الشارع الرياضي أن تعاطي الإعلام المرئي مع أزمات المنتخب الوطني لكرة القدم كدواء قرص فوّار لمعالجة بيت الداء (المعدة) سرعان ما ينتهي المفعول بانتظار أزمة صحية أخرى وهكذا، وهو أمر استساغ الجمهور هضمه بلا قناعة كلما سقط اتحاد الكرة في اختبار الكفاءة، كعادته ينهي زوبعة آسيا بمؤتمر الساعة ويمضي حيث منافسات الدوري غير آبهٍ لحلقات الإخفاق ولن يقصّر أحد إيماناً من رئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات أن البطولة لا تمنح الكأس إلا لبطل واحد مثلما خرجا للرأي العام بمقولة "لسنا وحدنا خرجنا من تصفيات كأس العالم فهناك دول أنفقت ملايين الدولارات ولم تنجح"!
هكذا فلسفة التبرير تعطي الحق لكل منتقدي عمل الاتحاد أنه يعاني عُقدة الفشل لعجز مسؤوليه عن مجاراة الآخرين في التخطيط والتنظيم طالما انه يجد مهمته تنحصر بمشاركات المنتخب الأول فقط ليردّ على الساخطين من وجوده على رأس قيادة اللعبة بلا استحقاق بشهادة نتائج عمله الخائبة، لذلك كلّما زادَ الإعلام والجمهور ضغطهما الساخط عليه زاد عناده بسخرية من المطالبة باستقالته ليس لأن الهيئة العامة مسؤولة عن سحب الثقة منه فقط وإنما كل عضو في الاتحاد ربط وجوده بكيانه الشخصي وكرامته وسمعته وجماعته ومصالحه وليس بنوع الواجب الذي يؤدّيه وما يُحمّله من أمانة ينبغي أن يصونها أو يُسلمّها لغيره إن كان أكفأ منه لا عيب ولا انتقاص في ذلك، سيكبر في عيون الجميع وينسوا كل شيء ويتذكروا الصورة الأخيرة التي تركها قبل وداعه، مثلما يذكر تاريخ اللعبة استقالة باسم الربيعي وأحمد عباس وحسين سعيد وآخرهم شرار حيدر.
وصل الحال بواقع الكرة العراقية اليوم إننا إذا ما كلّفنا ثلّة من الخبراء الفنيين المعنيين بتطوير اللعبة من خارج اللجنة الفنية للاتحاد لن نجد من يتعاون بإخلاص ويحلل الأزمة بمهنية عالية لأنهم يشعرون بالظلم والاحباط واليأس من استمرار الاتحاد الحالي في قيادة اللعبة وتهميشهم باستمرار وستكون رؤاهم مُسلّطة على فشل الاتحاد في التخطيط، تحليلات ضيّقة تتناول الشخوص وليس المُسبّبات، ولهذا خسرنا المشورة الصادقة بسبب سياسة الاتحاد الاقصائية وخاصة في عهد الرئيس الحالي الذي لا نستغرب خشيته من تواجد نجوم أمثال عدنان درجال ويونس محمود ونشأت أكرم وسواهم، لأنه يعتبر مسألة البقاء في الاتحاد وكسب ثقة العمومية هو النجاح الأكبر للرئيس ولا يهم إن فشل المنتخب أو تقهقر الدوري أو طالت الانتقادات شخوصاً في لجان الاتحاد أو فرش القطريون ملاعبهم وفنادقهم ومطاعمهم لضيافة الرئيس وفرقة الأسود إكراماً للعلاقات الأخوية المتينة لا مرة ولا أربعين، ويُجاهر عن ذلك في التلفاز نكاية بالوزير السابق دون أن يسأله أحد: ألا تمثّل عزّة العراق محراساً لمنع كل طمع وهوس النفوس من مسّ قيمتها التي لا تساوي صفراً إذا ما اِنحنتْ مهما عَلتْ قاماتكم وتباهيتم بعلاقاتكم العربية والدولية!