اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: إلى عدنان عبود، في تقديم لا بد منه

قناطر: إلى عدنان عبود، في تقديم لا بد منه

نشر في: 29 يناير, 2019: 08:28 م

 طالب عبد العزيز

كنّا، أنا وجمال مصطفى، الشاعر، وعدنان عبود، وأحمد عبد الرزاق، ومنقذ الشريدة الفنان التشكيلي المعروف، حتى بداية الحرب مع إيران، مطلع الثمانينات، من القرن الماضي، آخر من ينتزعهم باصُ مصلحة نقل الركاب من مقاعد نادي الفنانين، الذي بالعشار الى ابي الخصيب، حيث نسكن منذ مئات السنيين، وكنت أول النازلين بينهم، أنا من أهل عويسيان، وجمال وأحمد من أهل يوسفان، أما منقذ، فمن بلد سلطان، لكنّ، عدنان عبود، الشيوعي، ذا البشرة السوداء، فهو الوحيد، الذي بيننا من أهل الصالحية. ذاك الصوب.
عدنان، الذي أحسَّ، ذات يوم بأنَّ الرسام (صالح جادري) إنما يخطط وجهه في غفلة منه، يرسمه، ونحن جلوس، على تخوت مقهى عبد الله، التي عند مدخل شارع الكويت، من جهة نهر العشار. المقهى التي كانت ملتجأنا بعد تفكك دكّة مقهى ابي مضر، التي على النهر مباشرة، من قبل سلطة النظام، آنذاك:" سمعتُ عدنان يقول لصالح، إذا أردت أن ترسمني فارسمني متأملاً".
ليس لعدنان عبود، الشيوعي، الذي من أهل الصالحية، من طريق الى بيتهم إلا التي بالقارب، عبر شط العرب، لذا، فأقرب نقطة تؤدي الى بيتهم، هي التي من يوسفان، قرب مكبس تمور الموسويية، الاحسائيين، حيث يسكن جمال وأحمد، لذا لم يكن له من بدٍّ، في الليل سوى أن ينادي بأعلى صوته على أهله، لكي يأتي أحدهم بقارب، من الخشب أو من الصفيح ليقله من ضفة شط العرب، بأبي الخصيب الى ضفته الثانية، التي في الصالحية، لكنهم (أهله) قلما يسمعون نداءه، في الليالي الشاتيات ، ذوات الريح والرعد والمطر والبرق، في الليالي حالكة الظلام، لكنه، إذا ما استبد ياسه به، وتضاءلت أفعال الخمرة في راسه، لا يجد حيلة سوى أن يتخذ من شجرة اليوكالبتوس العملاقة، التي على النهر منامة له، عندها سياتي الصباح له ويسكون صوته مسموعا، وصورته على الماء معاينةً.
أطْينَ الشارعُ، الذي الى البيت
وانكفأت الاشجارُ، تنوسُ اغصانُها العتبة
وكلُّ ما في كفن الغروب من الموت صار لي
سكرانٌ أنا، فقد فتحتْ حانةٌ بـ"الوطنيِّ" بابتها، ودخلت
وهائنذا، أتهجّى الخُطى، أنتقي منها ما يقودني الى الاهل،
والى حيث ينهدم الحائطُ، قربَ الكلبتوسة
أتحامل، أحملُ الصمت يافطةً الى هناك ..
وهذه الدنيا، تجنُّ ماطرةً ..
هذه الريح، تخرق عادتها، التي في السعف
ساسمّي الخرنوبَ عاصفةَ
والنخلةَ الوحيدةَ، على الشاطئ، منامةً للمتأخرينْ
ليس في المُتطاوِل من الخُطى، ما يوصلني الى البيت
بعدتُ عنهُ، وهذا النَّهرُ حائلٌ
كلُّ الصيادين لم يتوقفوا عند الظلام، الذي أنا به
هي ذي البمّبرة الاولى، بلا ورق
وما في المُتاحِ، تحت التوت، من منتبذٍ لي
لكنني، ساصيحُ بهم عالياً :
أدفعوا بالقارب لي
ادفعوا بالقارب لي ...
انا عدنان عبود ..
انا في "يوسفان" الآن
هل بينكم من يأخذ بيدي
الى "الصالحية"،
حيث انام.
اليوم، وأنا أستعيده، حيث لم يبق من عدنان عبود، إلا صورة بالابيض والاسود، معلقة على حائط، في منظمة الحزب الشيوعي، فقد قتلت السلطات البعثية عدنان عبود، قالوا ماتن وقالوا استشهد، لكنه، لم بكل تاكيد، لم يجد من يقله الى الضفة الثانية، حيث يكون متأملاً، هناك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram