علي حسين
منذ سنوات وبدافع "التباهي" بالمعرفة، صدّعت رؤوسكم ببلاد صغيرة اسمها سنغافورة، وكان بعض القرّاء الأعزاء يهزّون أيديهم بالتأكيد كلما حاول"جنابي"أن يحشر اسم اليابان أو الهند أو البرازيل في عموده اليومي وهم يقولون بالتأكيد : لقد أضجرتنا بأحاديثك العجيبة عن كوريا الجنوبية وفيتنام وسنغافورة، وعن إصرار قادتها على تحويل ملايين الفقراء إلى الرفاهية الاجتماعية. ياسادة هذا ما يفترض أن نكتب عنه. تأملوا حياتنا، فعمّاذا نكتب؟ تأملوا معي السذاجة السياسية وغياب العدل والقانون، ورائحة الكذب التي تخرج من أفواه المسؤولين.
مات رئيس وزراء سنغافورة لي كوان قبل أعوام بعد أن ترك وراءه بلاداً صغيرة لكنها تنعم بالاستقرار والرفاهية، وبمنافسة كبرى مع الدول على المراكز الأولى في سعادة الإنسان، جاء الرجل النحيف من جزيرة غارقة في الامراض والتخلف والعوز، طلب من الناس أن تعمل لا أن تهتف له، أغلقَ السجون وفتح المدارس، وطبّقَ حكم القانون لا حكم دولة القانون،، لم يفضّل طائفة على أخرى رغم أن سنغافورة متعددة الطوائف والأعراق، فقط أراد من الجميع أن يتساووا في الحقوق والواجبات.
بالأمس نشر مؤشر جودة التعلیم العالمي تقريره الاخير، لنجد أنّ سنغافورة تحصد المرتبة الاولى.. وماذا عن العراق البلاد التي علّمت البشرية الكتابة، يخبرك أصحاب التقرير من المتآمرين طبعا على التجربة الديمقراطية الرائدة في العراق، أن بلاد الرافدين ومعها"الدول العظمى"السودان والیمن والصومال دول غیر مصنفة اصلا،لأنها دول لا تتوافر فیها أبسط معايیر الجوده في التعلیم.
ولم نفِق من المؤامرة الإمبريالية التي تنكر علينا أنّ عالماً"جليلاً"مثل علي الأديب وضع أسس التعليم العالي، وأن علاّمة نووي مثل حسين الشهرستاني أكمل المسيرة بكلّ حرفيّة، حتى خرجت علينا منظمة"عميلة"أخرى هي منظمة الشفافية العالمية التي وضعتنا في سلّم الدول الأكثر فساداً إدارياً ومالياً، فيما وضعت سنغافورة في المراتب الاولى بين الدول الأكثر شفافية ونزاهة.
أمضينا الخمسة عشرَ عاماً الماضية في معارك إعلامية، تقودها منظمات أجنبية، غايتها تقديم تحقيقات استقصائية يتقول بالوثائق إنّ هناك شبهات فساد في معظم مؤسسات الدولة العراقية، وإن معظم السياسيين استولوا على عمولات تُقدَّر بعشرات الملايين من الدولارات، طبعاً أستثني الحاج نوري المالكي الذي لايتعامل بالملايين، فهو متخصِّص بالمليارات، ونبهتنا حنان الفتلاوي مشكورة إن هذه المنظمات تسعى للنيل من الشخصيات الوطنية.هل هي مؤامرة؟ بالتاكيد، وتقودها الإمبريالية والصهيونية اللتان غاظهما أننا منحنا"عالِماً"بحجم كاظم الصيّادي كرسيّاً دائمياً في البرلمان!.