رعد العراقي
أنجزت قطر مهمّة الوصول للمباراة النهائية والمحافظة علي حظوظ العرب في انتزاع اللقب الآسيوي من مخالب دول شرقي آسيا التي لم تترك أية بطولة إلا وكانت تمثّل الطرف الأكثر هيمنة وقرباً من التواجد على منصّات التتويج.
مباراة نصف النهائي التي جمعته مع المنتخب الإماراتي وتعامل معها بواقعية مكّنته من تسجيل فوز عريض قوامه أربعة أهداف كانت كافية للاطاحة بحلم الأبيض الإماراتي في حصد اللقب وهو يلعب على أرضه وبين جماهيره ويسعى لمحاولة تعويض ما فشل عنه في السابق عندما ضيّف أول مرة هذه النهائيات عام 1996 وخسر النهائي أمام المنتخب السعودي.
العنابي استحق شرف بلوغ النهائي عطفاً علي المستوى الفني المتوازن الذي قدمه طيلة مباريات البطولة وحصده الأفضل هجوماً ودفاعاً بتسجيله ستة عشر هدفاً وبشباك عذراء لم يتمكن أي منتخب من هزّها اضافة الى بروز أكثر من لاعب يتقدّمهم الهدّاف المعز علي وعبد الكريم حسن وآخرين ومدرب محنّك خبَر قدرات لاعبيه بعد أن أمضى معهم سنوات طويلة منحته المساحة الزمنية الكافية في تغذية افكارهم بالاساليب التكتيكية التي يرسمها لتطبيقها علي الميدان بالشكل المثالي.
تلك الرؤية الصائبة التي نسجها الاتحاد القطري التي استندت الي عناصر مهمة تتمثّل في الاستقرار الفني والصبر علي النتائج واستقطاب المواهب لاختصار زمن بناء المنتخب ومعالجة شحّة هذا الجانب لديها مع وضع منهاج إعدادي متكامل بعيد المدى باستغلال أيام (الفيفا دي) لتوفير مباريات على مستوى عالٍ واحتكاك بفرق عالمية تعمل علي إزالة الرهبة وتمنح اللاعبين قدراً من الثقة في الأداء.
هذه السياسة بدأت تجني ثمارها لتكون درساً لمن يتجاهل حقيقة العمل الاحترافي وتأثيره في تطوير المنظومة الكروية بخطوات مدروسة وتخطيط لا يترك ابسط التفاصيل إلا ووظفها في خدمة الهدف المرسوم.
الآن وقد وضعت البطولة أوزارها ونال كل مجتهد نصيبه واصبحت الكاس تنتظر صراع الغرب الذي سيحمل فيها المنتخب القطري لواء المواجهة والشرق بزعيمها الكومبيوتر الياباني الذي لا يكل ولا يمل في مباغتة منافسه باساليب مستحدثة لاحتوائه وتجريده من قوته كما فعل اخيراً بالمنتخب الإيراني المرشح الأول حينما روّضه بهدوء وهزمه بثلاثية بيضاء كانت كافية لتوجيه انذار شديد اللهجة بجديته في المضي نحو اللقب الخامس مهما كان اسم وتاريخ متحدّيه في النهائي.
اليوم كلنا مع قطر.. تلك أماني العرب لمساندة المنتخب الشقيق في مهمة خطف اللقب الآسيوي بعيداً عن أية نزاعات أو حواجز نفسية فرضتها السياسة، وأجزم أن ما يختلج النفوس العربية النقية واصالة الانتماء ستفرض الشعور اللاإرادي في توجيه بوصلة الدعوات نحو انتصار الاشقاء من على ارض الإمارات التي نتمنى علي جماهيرها أن لا تترك المدرجات خاوية فنخسر عامل المؤازرة والتحفيز في وقت ستسجل تلك البادرة إن حصلت لوحة شرف تزيّن اعناق كل الجماهير الإماراتية والعربية التي ستحضر وربما تكون هي الضربة الاولى في إذابة جليد الخلافات بين جميع الاشقاء، فالرياضة رسالة محبة وسلام تُقرّب القلوب ولا تباعدها، هذا ما نؤمن به كعراقيين، ونرجو أن يدركها الآخرين أيضاً.