TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: الجريمة الإنذار.. برقبة حكومتَي بغداد وكربلاء

شناشيل: الجريمة الإنذار.. برقبة حكومتَي بغداد وكربلاء

نشر في: 3 فبراير, 2019: 08:32 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

رصاصة واحدة كانت تكفي لقتل الأديب، الفنان، والأكاديمي علاء مشذوب قرب بيته في مدينة كربلاء.. بل سكين متوسط الحجم كان كافياً لتحقيق غاية القتل، لكنّ القتلة، منفّذين ومحرّضين، كانت لديهم رسالة أخرى بقتل مشذوب بهذا العدد الكبير من الرصاصات .
إنه الغِلّ المضاعف ثلاث عشرة ألف مرّة حيال المثقفين الوطنيين ودورهم التنويري في المجتمع، وهو التهديد المضاعف ثلاث عشرة ألف مرة لكلّ مثقف وطني تنويري يتجاوز، أو يوشك أن يتجاوز الخطوط الحمر التي يريد الظلاميون تكريسها.. هم فشلوا مرات عدة في إيصال رسالة الترويع التي مرّروها بقتل زميلات وزملاء لنا واعتقالهم وتعذيبهم، فاختاروا أن يقتلوا علاء مشذوب بثلاث عشرة رصاصة ظنّاً منهم أن الترويع سيبلغ مداه هذه المرة وأن رسالتهم ستكون مدوّية أكثر من ذي قبل، فيتحقّق مبتغاهم بإسكات المثقفين.
هذه الرصاصات الثلاث عشرة تصرّح بأنّ صبرهم قد نفد ولم تعد لديهم قدرة على التحمّل، وممّا يساعدهم في ذلك ويشجّعهم عليه أنّ الدولة، المسؤولة عن الأمن، لا تهتمّ بأمن المثقفين، فكلّ اكتراثها موجّه لضمان أمن وحياة حراميّة المال العام من مسؤولي الدوائر الحكومية والأحزاب الحاكمة، وكلّ اهتمامها مكرّس أيضاً لإيجاد نظام أمني أعوج ، منحرف، يضفي القدسية على لبس العباءة للنساء، مثلاً، ويحرّم عرض دمى البلاستك ( مانيكانات) في دكاكين الملابس النسائية، فيما يتساهل مع عمليات تناول المخدرات والاتجار بها وبالجنس وبالأدوية والأغذية الفاسدة، فضلاً عن القتل على نحو سافر على طريقة قتل د. مشذوب وسواه.
منذ حين برّرت سلطات محافظة كربلاء إجراءاتها التعسفية ضد الحريات العامة بالقول إنها مهتمة بصون قدسية المدينة.. لكنّ قدسية المدينة تتحقق أولاً وقبل كل شيء بصون قدسية الأرواح البريئة ((مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ". مقتل علاء مشذوب تعدٍّ سافر على قدسية كربلاء والراقدين تحت ترابها، فلتُرنا حكومة كربلاء، وكذا حكومة بغداد، شطارتهما في الدفاع عن هذه القدسية بملاحقة القتلة ومحرّضيهم وتقديمهم الى القضاء.
ما من أحد مسؤول عن مقتل د. مشذوب وسائر ضحايا الإرهاب السياسي والفكري غير دولة الإسلام السياسي الفاسدة التي تظهر كلّ يوم علامة على نكوصها في إنشاء دولة، فما عندها أكثر من شبه دولة محكومة بقانون الترويع والفساد .
موقف المثقفين العراقيين، المهددين جميعاً الآن بمصير يشبه مصير د. مشذوب، يتعيّن أن يتجاوز مجرّد الكلام. لابدّ من حركات احتجاجية في المنتديات والمؤسسات الثقافية، وفي الشارع أيضاً.. ثروة البلاد الفكرية مهدّدة بالفناء مثل ثروتها النفطية التي ينهبها الفاسدون .. الحاكمون..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram