علي حسين
عشنا الأشهر الأخيرة من عام 2018 مع المعركة التي دارت رحاها في العراق، بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، حيث انقسمت القوى السياسية، محور يطالب بالقصاص من السعودية وينوح على حرية التعبير، وجماعة تشمت بالقتيل، وقنوات فضائية طالبت بتحرير الشعب السعودي. وقبل أن يعتقد البعض أنني أسخر من عملية قتل خاشقجي، أقول في هذه الزاوية كنت وما زالت متعاطفاً ومتضامناً مع كل إنسان يتعرض للظلم والقتل والتغييب سواء جمال خاشقجي أو غيره، ولكننا ياسادة ياكرام نواجه اليوم بعد مقتل أديب وأكاديمي عراقي بأهمية ومكانة الراحل علاء مشذوب حالة من الصمت ليست سياسية وإنما حكومية بامتياز، باستثناء بيان خجول من وزير الثقافة نعى الأديب الراحل، وكأن أصحاب البيان يعتقدون أن مشذوب مات بسبب نوبة ارتفاع في السكر أو بحادث سيارة، أما حامي الدستور رئيس الجمهورية فقد كان منشغل البال والاحوال بالحوار مع زعيمة حركة إرادة في نشر الازدهار و بـ"التوازن"بين العراقيين، فيما لايزال رئيس الوزراء يعتقد أن مشكلة العراقيين في الحواجز الكونكريتية، وبالتالي لايمكن أن أعتب على السيد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي فهو يؤدي مهمة جليلة في إنقاذ رئيسة وزراء بريطانيا التي تواجه سحب الثقة، وما تبقى له من الوقت يقضيه ليلا في"..."ونهاراً"نائماً"كما أخبر مؤتمر الكفاءات الذي وصله متأخراً جداً.
تعودنا منذ سنوات على إدمان مشاهد القتل، لم تعد أرقام الضحايا مهمة ولا حجم الخراب، في كل يوم مع خبر جديد، لكننا ننتظر متى تطل علينا عالية نصيف لتخبرنا أنها أيضا حقوقية وتفهم في القانون،ولهذا لابد من استشارتها عملاً بالمثل الشهير"اخذ الشور من....".
لقد تعودنا، للأسف أن مشهد مقتل مواطن عراقي ليس مهماً جداً، فهذا أمر عادي يحصل كل يوم ولايستحق بياناً من أعلى السلطات، ولا مؤتمراً برلمانياً. ولا خبر في الصفحات الاولى، ولا برقية تعزية، ولم نجد كلمة مواساة من رافع شعار"ولي الدم"أو استنكاراً من مجلس النواب، نحن شعب لا يحب برقيات التعزية، لاحظوا أن الذين تباكوا على جمال خاشقجي، لا يعنيهم مقتل كاتب عراقي، فهم مشغولون بتتبع أخبار محمد بن سلمان، مثلما البعض لاينام قبل أن يعرف هل سيحدث انقلاب في إيران، أما أن يُقتل ناشط وأديب عراقي، فالأمر مجرد حادثة بسيطة، يمكن معالجته بعد ان استعان رئيس الجمهورية بخبرة حسن السنيد الأمنية.