إياد الصالحي
خطوة مباركة أقدَمَتْ عليها ثلّة من الشخصيات الرياضية التي ألتقت في فندق بابل يوم السبت الثاني من شباط الجاري للتداول في غاية واحدة هي (وجوب إعادة النظر كلياً في المنهاج المستخدم في إدارة شؤون الرياضة وقراراتها في كل مؤسسات البلد) .
شخوص نثق في توجّهاتهم النزيهة لما فيها من خير لمصلحة الرياضة خاصة في هذا التوقيت الحسّاس الذي يشهد ترقّباً من طرفي معادلة غير متوافقة في الرؤى: ممثلو الأولمبية والسائرون على وفق خارطة رئيسها الساعي لولاية ثالثة بأجندة مُتفق عليها ما لم يُفسد قرار مفاجىء العملية الانتخابية المُخطط لها منذ أشهر، وبين مُلتقى "الفرصة الأخيرة" مثلما تنسجم توجّهاته مع استدراك نخبة الرياضيين واقع الرياضة التي أجتمعوا لإنقاذها بطروحات نزيهة مشذّبة من الاستهداف الشخصي، ومن المُرجّح أن يضعوا تصوّراتهم على طاولة رئيس الحكومة قريباً.
لا يُخفى أن بعض العاملين في وسطنا الرياضي يُعاني أزمة نفسية حادة، يثير حفيظته "مانشيت" وتقضَّ مضجعه صورة تدفعان به ليكتب أو ينتدبَ أحداً ليتقمَّصَ دور المنفعل والمستاء من هدف المُلتقى ويحلل باندفاع ما يجري تحت وضح النهار بأنه سيناريو تآمري ضد رياضة البلد كي يوهم الجماهير بنظريته لئلّا تصبح المعلومة المتداولة عن اجتماع بابل حقيقة صادمة تعجّل برحيل من استسهل تجديد احتلاله المواقع دون عناء ليجد نفسه في نفق خانق لا تستطيع حتى المؤسسة الدولية فعل شيء له.
صراحة، وبحكم العلاقة المهنية التي تربطنا بالخبير الرياضي الدكتور باسل عبدالمهدي كنت قد تساءلت عن دوافع تسريب الصورة الأولى من اجتماع النخبة في إحدى قاعات الجادرية برغم ودّية اللقاء، وأي رسالة بعثته لاسيما أن الرجل توسّط الشخصيات المُعلن عن اسمائها في واحدة من أندر الصور التي تظهره مشاركاً في التخطيط ورسم سياسة التغيير بمحتوى منهاج إدارة الرياضة مثلما سارع للتوضيح عن مكنونات الاجتماع بعد ساعات من فضّه على غير عادته سابقاً عندما شهدت الأزمات المفصليّة اجتماعات ذات قرارات مصيرية من بُناة أفكاره لعب دوراً مهماً بخبرته ومعايشته خارج مشهدها في وقت لم يكن شقيقه قد اختير لترؤس الحكومة!
أجاب الدكتور باسل بهدوئه المعروف أن كل ما يجول في خاطره أعلن عنه في مقالات تفصيلية عبر صفحات المدى، ولم يخف شيئاً عن الملأ، ثم أن النخبة المجتمعة تنبذ أسلوب التكتلات والمناورات وعمليات بيع وشراء الأصوات الانتخابية واستغلال المواقع لأجل الاستمرار في البقاء، بل تسعى لتكثيف دائرة الحوارات مع متخصّصين وأكاديميين وإعلاميين ومهنيين رياضيين تحضيراً للقاءات أوسع وفق منهاج ورؤى تقود الى إنهاء حالة الاستثناء المستمرة والتلاعب المتزايد في مسيرة الرياضة وعمل مؤسساتها كافة.
فما سرّ الهلع الأولمبي من اجتماع عادي يناقش إسوة بعديد الرياضيين هموم الرياضة المنكوبة بالخسائر المادية والمعنوية لإيجاد مقترحات ناجعة عابرة للمجاملات ورافضة تكريس الولاءات للشخوص وفاضحة المحاذير المزعومة من تبعات التدخل الحكومي بإيقاف الأنشطة وحرمان المنتخبات من التنافس الدولي تلك "الفزّاعة" التي يواصل العراق دفع أثمانها بما يقارب 200 مليار دينار من ميزانيته نظير إدارة المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية واتحاداتها على مدى أربع سنوات دون أن تلمس رياضتنا أي تقدم في نتائجها ومراكزها وتصنيفاتها نتيجة اعتماد سياسات قاصرة ومكرّرة من قبل نفس الاشخاص إدارياً وفنياً لم يأتوا بجديد ولم يتعرّضوا للمساءلة أو سحب الثقة "أضعف الإيمان" ويطمحون للاستمرار استغفالاً لنا جميعاً بدءاً من رئيس الحكومة الى المواطن الحالم بانجازات رياضية تنشر الفرح في بيته وتنسيه همومه المتكالبة!
ليضع رئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي ورفاقه في المكتب التنفيذي أيديهم بأيدي رفاق باسل عبدالمهدي ولا يلوذ نحو المجلس الأولمبي الآسيوي الشريك الرئيس في كل أزمة تظل منقوصة الحلول بفضل سكوته وتواطئه لحماية وجود حمودي وكأنه غريباً في وطنه! فلا ملاذ آمن للرياضة غير بيت الحكومة، اذهبوا إليها، اعترضوا وفنّدوا واقترحوا ضمن خط المصلحة الوطنية بعيداً عن معاودة التراسل مع الأولمبية الدولية التي يستفزّها المساس باستقلالية اللجان الأولمبية الوطنية وهي لا تدرك انعكاسات الفشل الإداري وخواء مناهج التطوير الرياضي فيها.
لا جدوى من الاستعانة بتدخل خارجي، وإلا فإن مجلس النواب مطالب بمساءلة حكومة عادل عبدالمهدي عن أسباب انفاق الأموال على مؤسسة رياضية بحجم الأولمبية لم تقدم قانوناً جديداً ورفعت شعار المماطلة به برغم الإلحاح الدولي على انجازه ورفض المحكمة الاتحادية أي إجراء يشرعن وقائع عمل المؤسسة ما لم تُنشَأ على وفق النهج الديمقراطي وأحكام الميثاق الأولمبي العالمي.