طالب عبد العزيز
في الفندق الذي على الجادة العريضة، بالمحمرة، سوف تكتب عن الماضي،لا عن الشيخ خزعل، صاحب الملاحم الاخيرة، في القرن العشرين، إنما عن التي تركت الجبل بما عليه من الثلج والعواصف،وهبطت اليك، بما في الارض من الأنوثة والصفح، ذات يوم، هي التي أخذت القطار النازل الى البصرة كلها، واندست معك في الحافلة الى الفندق بالمحمرة، الذي مازال على الجادة الى الآن، هلا تذكرت لون شعرها، وأنت تضع حقيبتك على محمل الحقائب، في الغرفة ذات الرقم 107، انت تقود مزولتك الى شاغر في الريح، تكتب ما ليس بمقدروك الخلاص منه.
أمس، حين عبث أحدُهم بكعبة وجودك، في القرية البائسة، التي على النهر، مع حشد الموأفينين، ممن توقفت ازمنتهم، عند كتابٍ قرب الفيلية،حيث قتل الشيخُ شقيقَه الشيخَ، حيث أطاحت البهلوية بصرح المملكة المنخورة شرفاً ومؤامرات،أرادوك كاتباً لمسراتهم، يا لنفاجة ما قالوا، يا لبؤس ما سمعت، ولما صاروا الى ما يتوهمونه مجداً، وقد انبرى كلٌّ يحدث بما في أذنه من الترهات، رأيتك تفاضل بين ما تدعو له وما ينسبه هؤلاء لهم واليك، لذا، أرجوك، أنم الشاعر الذي فيك، والصحفي الذي تريده، والفلاح الذي الى جوارك وعد، أعبر النهر العريض، ثمة من يحدثك عن الجمال والنخل، هناك.
سنوات سبع، لا أكثر، تفصل بين لحظة دخولك الغرفة 107 في الفندق صحبة حبيبتك، التي تركت الجبل بما أثلج وعصف، وبين لحظة حملك حقيبتك مفرداً، منزوع السعادة، برماً، ممن اساء اليك، في القرية البائسة، التي على النهر، وسط حشد من متعاطي المخدرات المغشوشة، بينهم شقيق القابع بالسجن في الحكيمية الآن، وفيهم الذي أبدل طائفته بالدراهم هناك، على البحر، كذلك، الذي لم يجد حيلة في حلب ضرع الفتى، الباحث عن نرسيسه في مرايا الوهم الكثيرة. أنت تكتب ما ستظل مفاتحه عندك، ما حييت، وستنغلق على جملة أسرارك، في البلاد التي على النهر، والتي اسفله، حيث يعبُّ الموج الزبد والنوارس الهالكة وحيث تحط الاكاذيب. أعدك، سيأتي من يدس أنفه بين سطورك، ويقلب حجر الكلمات، ولا يشغلك أمر من سيعثر على ماسة روحك، التي ما فتئت تخبئها،وما يضيرك شيء، أنت مؤسس لحظات، أجملها، التي كانت في عربة القطار الصاعد الى طهران.
بلى، هي تصطحب غيرَك الى سريرها الأن، تؤسس مملكة جديدة، في البلاد البعيدة جداً، لكنك لا تدون خيبة، في كتاب قلبك، لا تبحث في الحقيبةالمهجورة على المحمل عن شيء من ثيابها، أبداً، قل لها: وداعاً، أدع لها بالكثير من الورد على طاولتها صباح ومساء كل يوم، ولتكن زرقاء أطلسيةً ثياب نومها، لتكن أحذيتها بعدد ما ينتظرها من الخطوات على البحر، ولتمسح الآلهة صدرها بالطمأنينة والسلام، ومهما بالغت في ضجرك،واستبدت لحظات اليأس بك، بين حشد البرابرة، في القرية التي على النهر، حيث يتخاصم المتأفينون، لا تستبدل عطر روحك الاول،أو لتأخذ يدُك طريقها الى زجاجة النشادر، غير آبه بمن حولك، ومن معك، كلما اجتاحتك عفونة صفحات الكتاب، الذي تدمن كتابته منذ أيام ثلاثة.