TOP

جريدة المدى > عام > الفن المفاهيمي في المقهى الثقافي العراقي في لندن تجربة الفنان جلال علوان

الفن المفاهيمي في المقهى الثقافي العراقي في لندن تجربة الفنان جلال علوان

نشر في: 9 فبراير, 2019: 07:10 م

خاص بالمدى - لندن

في أمسية المقهى الثقافي العراقي في لندن ليوم الجمعة المصادف 25 من شهر كانون الثاني، والتي كانت مخصصة للفنان التشكيلي جلال علوان، تمّ تقديم تجربة في الفن المعاصر وهي تجربة مختلفة نوعاً ما عن الأمسيات التي تهتم بالفن التشكيلي، التي قدمها المقهى حتى ذلك الوقت، حيث تم التطرق الى مفاهيم أقرب للمناخ الأوروبي من حيث تناول الفن وذلك من خلال صور لأعماله المجسمة والفوتومونتاج وافلام (الفيديو آرت)، التي ينجز الفنان عمله الفني من خلالها ويطرح رؤيته الجمالية إضافة للمضمون الذي يرافق العمل نفسه.

قدم الأمسية الكاتب والناقد الأستاذ عدنان حسين احمد، معرفاً بضيف المقهى ومرحباً بجمهوره ومعقباً على تجربة الفنان جلال علوان بخلاصة مكثفة ووافية ذكر فيها خصاص فن وأعمال الضيف ومشيداً بها وبجهده المميز في هذا المجال.
وقد تم عرض العديد من الأعمال الفنية التي رافقها أفلام فيديو لها صلة بــ (الفيديو آرت ) وتعكس جهد الفنان في محاولاته لإيصال فكرته الى الجمهور. وقد طرحت العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه الأعمال وعلاقتها بالفن التشكيلي وتمت مداخلات قيّمة من قبل مقدم الأمسية والجمهور معاً، أجاب الفنان الضيف على العديد من تلك الأسئلة و المداخلات ، موضحاً رؤيته التي قد تختلف عن غيره في التناول ولكنها تصب في نفس الهدف المراد منه تقريب معنى الفن ومواضيعه العامة الى الجمهور ومتذوقي الأعمال الفنية، الذين لهم تصور تقليدي للعمل الفني، لايتعدى التصور الكلاسيكي لمفهوم اللوحة والتمثال وغيرهما من الأجناس الإبداعية في مجال التشكيل. ومما ذكره الفنان جلال علوان، ضيف الأمسية :
"الفن بالنسبة لي هو تعبير عن إدراكي للعالم من حولي، أبحث من خلاله عن حلول شاعرية مباغتة وممتعة متجاوزا حدود المنطق والممكن والمتاح (من جهة) وتوظيف مفردة بيئية مالوفة (من جهة اخرى) تنبه الى أن ما انتج هو من الواقع...وليس من الخيال المفرط أو من المجهول. أريد أن امسك بعملي الفني كما أمسك ببالون مليء بغاز الهليوم ،فهو يحلق في الفضاء وطرف الخيط بيدي لكي أخفف من ابهته وفهمه المستعصي على الادراك... عندما أبدا بتنفيذ فكرة ما قد طرأت على ذهني تواً، تبدا بالتناسل فتتولد افكار جديدة اخرى. "
ويرى الفنان الضيف في موضوع الأفكار : " أتخيل أن الأفكار كالكائنات الحية لها استقلاليتها وطبيعتها التي تحدد مصيرها...فلكل فكرة حرية الحركة للبحث عن المعنى، وكأنها تبحث عن معناها ...واحيانا تكون الافكار مطيعة وتخضع لي ببساطة فتتحول الى عمل فني...ولكن ومن خلال تجربتي الشخصية لاحظت أن الفكرة السهلة والواضحة عندما انفذها لا تكون عملاً فنياً يرضيني بشكل كامل...بل لابد من أن تأخذ وقتاً كافياً في التجريب والحوار لكي تنضج فتجد طريقها الى الوسيلة المناسبة لانجازها.. ".
وحول الحرفة يقول : " أدركت منذ وقت مبكر بأن الفن الجيد لايمكن حصره في الحرفة إنما تلعب الحرفة فيه دوراً ثانوياً. كما أن العمل الفني الجيد او مبررات استمراره او استمرار اي خيار فني جديد موجودة في النتاج الابداعي نفسه وليس في الجدل والتنظير. " .
وحول إستخدامه للمواد الجاهزة وخاصة الأثاث ، يقول : "في العشرينيات من عمري، وفي بدايات حرب الخليج الأولى مرّت على العراق أحداث دامية، كنت أنا شخصياً وعائلتي أحد ضحاياها، حيث أُتلفَ وسٌرقَ أثاث منزلنا، وفقدنا ذكريات العائلة. عندها إنقطعت الذاكرة العاطفية التي كانت ستربطني بالمكان وبمفردات البيئة التي كنت سأنتمي إليها. ثم غادرت العراق إلى عمّان ومنها إلى هولندا الدولة التي منحتني الجنسية ولكنها ما أستطاعت أن تمنحني الشعور بالإستقرار، على الرغم من المدة الطويلة التي قضيتها هناك ثم كانت المحطة التالية لندن، وفي كل محطة كان عليَّ أن أتخلى عن المكان والأثاث، هذا يعني أن أتخلى عن الكثير من مدخرات ذاكرتي. الانتقال المتكرر... بالوقت الذي لم تترسخ علاقتي بمفردات البيئة الجديدة بعد، اَفقَدَني الإنتماء وأورثني ذاكرة مشوشة وحنيناً مربكاً، وكلما نظرت الى الوراء شعرتُ بالألم. لذلك وجدت نفسي متأرجحاً بين الواقع بكل تعثراته والحلم بكل أمنياته. كان لابد من إيجاد حلٍّ لكي اتخلص من هذا الشعور، بأن استبدل هذه العلاقة المليئة بالقطيعة والهجران الى عالم أكثر استقراراً وثباتاً في الذاكرة حتى وإن كان افتراضياً... أي بمعنى آخر أريد خلق علاقة بين الواقع والخيال. لكن هنالك مشكلة... وهي إن قطع الآثاث كيانات وظيفية تقليدية خاملة لها مفاهيم محددة ومن جانب اخرمعرضة للفناء لانها معدة سلفا للاستهلاك والمنفعة... لذلك كان لابد من التخلص من هذه الصفات وتحويلها الى كيانات نشطه وذات معنى لكي تبقى في الذاكرة. قمت بإجراء بعض التغييرات على قطع الاثاث من خلال عملية تفكيك (الاشكال، المفاهيم والدلالات) دون المساس بهويتها لانها عنصر اساسي في البحث، وإعادة تركيبها من جديد وفقاً لإحتمالات تعبيرية جديدة خارج حدودها التقليدية....وبما ان الأثاث كيانات مرتبطة بوجود الانسان فلابد من أنها اكتسبت مفاهيم ومعان إنسانية متنوعة. لذلك اَرَدتُ من خلال هذا التغييراستخراج أثر الإنسان من قطع الاثاث لتصبح كيانات أكثر حيوية ومشاهد ممتعة ذات قدرة تواصلية يمكن أن تثير الأحاسيس والخيال والتأمل. كنتيجة لهذه التجربة لاحظت ان صفة المنفعة والاستهلاك قد اختفت بشكل تلقائي من الاعمال المركبة الجديدة... وأخيراً انتجت اثاثي الخاص بي... بهوية جديدة تتخطى عامل الزمان والمكان والذي يبقى في الواقع والذاكرة مدةً أطول "

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: هندل وثيودورا

العُثَّةُ… رواية جديدة للكاتب يوسف أبو الفوز

علم السرد والوسيط الرقمي

جائزة نوبل وجنون العظمة

الوهم كإلهام أدبي

مقالات ذات صلة

جائزة نوبل وجنون العظمة
عام

جائزة نوبل وجنون العظمة

توم هارتسفيلد*ترجمة: لطفية الدليميالفوزُ بجائزة نوبل يعدُّ -بالقناعة السائدة عالمياً- الإنجاز المهني الأعلى لكلّ مشتغل بالعلم. غواية الجائزة تبقى دوماً عظيمة إلى حدود قد تدفعُ بحاملها إلى الشعور بأنّ أفكاره ومحاججاته لا ينبغي أن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram