ترجمة /المدى
هدف العراق بزيادة انتاج النفط الخام من حقوله النفطية في الجنوب قد يُحبط نتيجة شح وفرة المياه التي تعتبر مشكلة جوهرية بالنسبة للبلد ككل .
صناعة النفط الحديثة تحتاج الى مياه . هذه حقيقة لا مفر منها ، لايتعلق ذلك بجفاف الاحواض المائية المسببة للعطش ولكن في أي محافظة يوجد فيها احتياطيات نفطية فان ضغط الخزين فقط بدون وجود ضغط مائي لم يعد كافياً للحفاظ على معدلات انتاج عالية .
العراق ليس مستثنى من هذه القاعدة . ولكن ما يثير الدهشة هو أن هذه المنطقة التي كان يطلق عليها سابقا ببلاد ما بين النهرين المتمثلة بنهري دجلة والفرات والتي ضمت بين احضانها موقع جنائن بابل المعلقة الشهير قد يلجأ هذا البلد الآن الى كبح وتقليل زيادة انتاجه النفطي الذي يخطط له وذلك بسبب شح المصدر الحيوي لزيادة الانتاج ألا وهو الماء .
يشار الى ان للمحافظة على مستويات انتاج مطلوبة من النفط في الحقل فهذا يتطلب مضاعفة كميات المياه التي يتم حقنها في الآبار باستمرار ، حيث يعتبر نظام دفع الماء أكثر الانظمة التكنلوجية فعالية من ناحية الإنتاج ومن خلال زيادة ضغط الماء يمكن تعويض خمول الضغط في بعض المكامن وزيادة فعالية رفع النفط بواسطع الماء , وكلما كان ضغط الماء اكثر زادت نسبة النفط الخام المستخرج من البئر النفطي.
رئيس شركة نفط البصرة ، إحسان اسماعيل ، قال خلال مؤتمر عقد في اسطنبول حول انتاج العراق النفطي إن هدف العراق هو التوصل الى زيادة انتاج النفط من حقول العراق الجنوبية الى ما يقارب من 3.2 مليون برميل باليوم في الوقت الحالي على أن يصل الى 5 ملايين برميل باليوم بحلول العام 2025 . شركة نفط البصرة BOC هي الشريك الحكومي لشركات النفط العالمية IOC العاملة في المنطقة .
هدف تحقيق الزيادة يبدو جيداً على الورق . ولكن بالنسبة لشركات النفط العالمية امثال شركة برتش بتروليوم BP البريطانية لانتاج النفط وشركة أيني Eni الايطالية وشركة لوك اويل Lukoil الروسية النفطية فانه لغرض المحافظة على معدل إنتاج معين ، بغض النظر عن توسيع سعة الطاقة الانتاجية ، فسيكونون بحاجة ماسة متزايدة للحصول على مصدر ضغط مائي وفير على نحو مستمر . على سبيل المثال فان الهدف المرسوم لشركة برتش بتروليوم في حقل الرميلة العملاق الذي يبلغ انتاجه الحالي أقل من 1.5 مليون برميل باليوم كان بالوصول الى 2.85 مليون برميل باليوم . ولكن منذ ذلك الحين تراجع معدل الانتاج الى 2.1 مليون برميل باليوم .
كان قد تم قطع وعد لشركات النفط العالمية بحل مشلكة المياه منذ العام 2013 ، وذلك وفقاً لمشروع مخطط له يدعى مشروع تجهيزات مياه البحر المشترك CSSP ولكن هذا المشروع تعرض لتأجيلات عديدة . لحد شهر حزيران من عام 2018 كانت كل من شركة أيكسون موبل الاميركية و شركة بيترو جاينا الصينية يتفاوضان مع السلطات العراقية لانجاز المشروع ولكن ما لبثت أن تراجعت تلك المفاوضات لاحقاً بشكل سريع . وقال رئيس شركة نفط البصرة " نحن في المرحلة النهائية من مرحلة منح اجازة تنفيذ مشروع تجهيزات مياه البحر CSSP . أنا اعتقد إنه خلال الربع الاول من عام 2019 سيتم توقيع عقد هذا المشروع ، هذا ما نطمح له ."
من ناحية أخرى تأمل شركات النفط العالمية ان يتحقق هذا التفاؤل بتوقيع العقد . المرحلة الاولى من المشروع ، التي تبلغ تكلفتها بحدود 4 مليارات دولار ، ستشتمل على ضخ 5 ملايين برميل باليوم من ماء البحر تجاه حقول النفط الجنوبية مما يزيد من معدل انتاج النفط ليصل الى 7.5 مليون برميل باليوم . المرحلة الاولى من المشروع ستستغرق حوالي ثلاثة سنوات مع تحديد اقرب موعد متوقع لاكماله بحلول عام 2022 . هذا يترك وقتاً ضئيلاً لشركات النفط العاملة في الحقول الجنوبية لأن ترتقي الى الهدف المنشود بالوصول الى معدل انتاج بمقدار 5 مليون برميل باليوم .
وولف ودمان ، خبير من مؤسسة ILF النمساوية للاستشارات الهندسية ، يقول إن العوائد المتحققة من المياه ، بغض النظر عن تعزيزها لانتاج النفط ، لا تغطي كلف الاستثمار . إنه شيء يختلف عن النفط .
عزام علوش ، رئيس منظمة طبيعة العراق غير الحكومية المعنية بالحفاظ على البيئة ، قال خلال مؤتمر اسطنبول بخصوص مشروع تجهيز المياه الخاص بالمشارع النفطية " انكم بذلك تقولون للزراعة وداعا اذا اتخذتم هذا النهج ."
تعتبر تركيا حالياً جزءاً من مشكلة العراق حيث تنتشر سدودها على منابع نهري دجلة والفرات مؤثرة بشكل سلبي على تدفق مناسيب المياه الذاهبة للعراق . وأضاف الناشط البيئي ، علوش ، قائلاً " يجب علينا ان نغير من ديناميكية الحوار بين العراق وجيرانه بخصوص مصادر المياه ." مشيراً الى ضرورة التحدث بأمور المنافع التجارية المتبادلة بين البلدان المجاورة يمكن من خلالها زيادة حصة العراق من المياه وبالتالي تكون مردوداتها في زيادة الإنتاج وتجهيز بلدان الجوار بالنفط .
عن موقع بتروليوم ايكونومست