TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: المُحمّرة: مقارعة(الاحتلال) بالاميّة والحشيشة

قناطر: المُحمّرة: مقارعة(الاحتلال) بالاميّة والحشيشة

نشر في: 12 فبراير, 2019: 08:27 م

 طالب عبد العزيز

ما كنت لأتصور أحوال العرب في مدينة المحمرة بايران، لولا أنني دخلتها زائراً لبعض الاصدقاء، ولن أجعل من تنسيق ونظافة الشوارع وانضباط الامن وحياة الناس في اسواق المحمرة وعبادان معياراً بين ما هو مستهجن ومستغرب في أوضاع البصرة، ابداً، إذ، انَّ مقارنة مثل هذه لا تبدو معقولة، لكنني، سأنصرف الى الحياة، في القرى والقصبات التي يقطنها العرب بخاصة، والتي لا يفصلها عن البصرة سوى شط العرب، هذه المناطق التي تتداخل فيها الانساب وتشتبك الاصلاب وحيث يتزاور الأهل والأصدقاء، ويتصلون ببعضهم البعض عبر الهاتف وشبكات التواصل بشكل شبه يومي.
كانت الطريق التي أخذتها الى إحدى القرى معبدة بالاسفلت، نظيفة جداً، وخالية من الحفر، وهي مشجّرة في أمكنة كثيرة، وعلى الانهار جسور جميلة، والهدوء علامة فارقة في الامكنة تلك، لكنَّ هيئات غالبية الناس لم تك كذلك، هنالك فوضى في ارتداء الملابس، وفوضى في السلوك اليومي، ربما القطت البطالة بظلالها على حياتهم، مع ان منازل الكثير منهم هي بمستوى المعقول، فالمباني من الطوب والاسمنت والحديد، ويملك غالبية ساكنيها سيارات واجهزة كهربائية حديثة، وهناك باصات نقل عام تصل المدينة بالقرى تلك، وشبكة مياه عذبة جداً، كذلك مدت دوائر الطاقة انابيب الغاز للبيوت البعيدة، وهذا انطباع عام، يلاحظه كل زائر ويتوقف عنده كل باحث.
لكنني، أبحث في العوز والفقر الذي تعاني منه بعض الاسر، فأجد أن كثيرين منهم بلا عمل، وبتعليم لا يكاد يُفهم منه شيء، اللغة الفارسية هي لغة المدرسة والمؤسسة الحكومية، والعربية لغة البيوت والتجمعات السكانية، وأبحث في اسباب عدم اقبال الطلاب على المدرسة فأجد أن اللغة الفارسية هي (العائق) فالناس في البيت والمضيف لا يريدونها، يقولون بانها لغة المحتل، وهناك، محطة تلفزيون باسم(أحوازنا) تبث من الدنمرك، وتديرها أموال سعودية، تسهب في الحديث عن الثورة، وعن التحرير، مذيع بيشماغ أحمر يبشرهم بقرب الانتصار، وهم مستمعون له، لكنني، أبحث في ذلك، فأجد أنَّ البعض القليل الواعي منهم قد ذهب الى المدرسة، وتعلم وتدرج في التعليم وصار موظفاً، وبدأ يعرف حقيقة مجتمعه العميقة، وهو مؤمن بان العزوف عن التعليم باللغة الفارسية مضرة بانسانه.
تفتك الحشيشة بالشباب والكبار على حد سواء. البطالة والامية تقودان الى تبرير انهاك الجسد بالترياق، ومن ثم المضي في طريق الادمان والمرض والجريمة، هناك من يحتج على (الاحتلال) بالجهل والحشيشة. يعبر(ف. ح) شط العرب بقارب من جهة ابي الخصيب، حاملاً نصف كيلوغرام من الحشيش، فتلقي الشرطة العراقية القبض عليه، ويحاول الفكاك منها لكنه يعجز، ليست هذه هي المرة الأولى التي تلقي السلطات العراقية القبض عليه، فقد سبق له السجن سنة هنا، في البصرة، لكنه يعاود، لأنه لا يملك جواز سفر، فقد احتجزت السلطات في طهران جوازه، بسبب متاجرته بالحشيشة، لذا توجب عليه مراجعتها، لكنه لا يفكر بالعواقب.
لا يمكن تبرئة حكومة طهران مما يحدث للناس هناك، لأنها تمارس تعسفا لغوياً واضحاً بحق السكان العرب، مثلما لا يمكن ايجاد العذر لهؤلاء، في استمراء الامّية، وترك المدارس ومن ثم الادمان والبطالة. عملاء الخارج من عرب الخليج متهمون أيضاً، فهم يغذون نعرة قومية سخيفة، ويعمقون من مفاهيم بالية، باتت بلا معنى اليوم، مثل التحرير وإقامة الدولة العربية. حريٌّ بالعالم التنّبه لما يحدث في المحمرة وعبادان والأحواز، الكل مسؤول عن الضياع هذا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram