TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > مستقبل الاقتصاد النامي بين آلية السوق وتدخل الحكومة:

مستقبل الاقتصاد النامي بين آلية السوق وتدخل الحكومة:

نشر في: 26 إبريل, 2010: 06:17 م

 أ.د. محمد صالح تركي القريشي / المعهد العالي للتخطيط الحضري والاقليميجامعة بغدادأولاً: المقدمةإن النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية والاصلاح الحقيقي للاقتصاد الوطني يتطلب وجود نظام سياسي متسق لايحمل في بنيته عناصر تتناقض مع بعضها البعض .
ولذلك فان النمو والتنمية والاصلاح الشامل أبتداءً بالاصلاح السياسي  للبنية السياسية وصولا الى المسألة الدمقراطية والحرية والى الاصلاح الاقتصادي و القانوني والمؤسسي . إن هذا المنهج السياسي الاقتصادي الشامل الذي ينطلق من فهم وحساب امكانات الاقتصاد الوطني ,يقتضي أن يتم وضعه والتخطيط له وتحمل أعبائه ونتائجه من قبل كل القوى السياسية والاقتصادية من خلال التقارب والتحاور والتفاعل الوطني الشامل وعدم ترك الاقتصاد الوطني لآليات السوق و نتائجها بل أن تكون الحكومة عاملة بكل مجهوداتها لتحقيق الاستقرار السياسي في البلاد.منذ أواخر عقد الثمانينيات قامت دول نامية عدة وبخاصة في امريكا اللاتينية تبني برامج أصلاح طموحة شملت حرية التجارة والخصخصة واللا مركزية السياسية والمالية والتأكيد على نحو اكبر في الانفاق الاجتماعي وعلى أنماط جديدة من التدخل والتنظيم الحكومي . وبأختصار كان الاتجاه نحو أيجاد قطاعات عامة كفوءة ودور أكبر للأسواق والمنافسة في تقرير تخصيص الموارد . ولكن تصميم الاصلاح شيء والانجاز الفعال للنتائج النهائية المرغوبة شيء آخر .فعندما يتم تحويل القطاع العام الى القطاع الخاص ( الخصخصة ) فأن تلك الدول ربما تفشل في ان تدرك أن تغيرا ً بسيطا ً في الملكية لايضمن كفاءة أكبر . وعندما يعطون أولوية للانفاق الاجتماعي، يجب أن يكونوا واعين ان الميزانيات الأكبر لوحدها نادرا ً ماتحسن الاوضاع الاجتماعية. وعندما قامت تلك الدول بلامركزية الموارد وصناعة القرار فان ذلك بذاته لايضمن الكفاءة في تخصيص الموارد او يحسن الاختيارات للسكان المحليين . أن برنامج الاصلاح يحتاج ان يكون متمماً للنشاطات المؤتلفة ستراتيجيا ً من العناصر الاخرى مثل التقويم والاسواق والمؤسسات . ويجب ان تتخذ هذه العناصر لتنتج منافسة معززة في كل من سوق القطاع الخاص وسوق القطاع العام . ومن دون المنافسة في هذه الاسواق فان قطاعا ً عاماً بأداء أفضل سيكون امرا خادعا ً فعلا.ان تجربة دول نامية عدة في عقد الثمانينيات والتسعينيات تقترح انه على الرغم من أن الاستقرار الاقتصادي الكلي شرط ضروري للنمو الاقتصادي , فان مثل هذا الاستقرار لوحده لايضمن النمو الاقتصادي . فالتغيير الهيكلي (structural change ) وأصلاح القطاع العام هما الخطوتان اللاحقتان باتجاه إرساء أو تأسيس الشروط الكافية للنمو والتنمية المستدامة والتطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. ان السؤالين المركزيين لهذه الورقة هما :هل انتهى دور الحكومة في الاقتصاد النامي أو لازال هناك دور ينبغي ان تقوم به الحكومة من اجل أن ينجح القطاع الخاص في البلد النامي ويؤدي دوره المؤمل في عمليات التنمية في الاقتصاد النامي؟وما الدور الذي يجب ان تضطلع به الحكومة في تصميم وتنفيذ البرنامج الاصلاحي والذي يستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية في الاقتصاد النامي ؟rnثانيا ً: الاساس النظري إن العلاقة بين علم الاقتصاد وعلم السياسة في العالم الحديث هي علاقة متبادلة أو مشتركة . إذ ان علم السياسة يقرر وعلى نحو كبير الاطار للنشاط الاقتصادي وتوجيهه في اتجاهات تنوي خدمة مصالح المجموعات المهيمنة وكما أن ممارسة السلطة بكل أشكالها هي مقرر رئيس لطبيعة النظام الاقتصادي . ومن الجهة الأخرى فان العملية الاقتصادية نفسها تميل الى اعادة توزيع السلطة  او القوة والثروة ,بمعنى انها تحول علاقات السلطة او القوة بين المجموعات . وهذا بدوره يقود الى تحول في النظام السياسي ومن خلال ذلك تعطى الفرصة لنشوء هيكل جديد للعلاقات الاقتصادية . والمقصود بعلم السياسة وعلم الاقتصاد هنا  أنهما طريقتان مختلفتان لتخصيص الموارد النادرة. يقوم علم الاقتصاد بذلك عبر آلية السوق ويقوم علم السياسة بذلك من خلال الموازنة . وهكذا فأن قضية العلاقة بين علم الاقتصاد وعلم السياسة تترجم بالعلاقة بين ثروة وسلطة . علم الاقتصاد يؤخذ بوصفه جهة توليد الثروة وتوزيعها بينما علم السياسة يؤخذ بوصفه حيزاً أو دولة السلطة . والذي أريد أن أصل اليه هو أن التمييز بين علم الاقتصاد بوصفه علم الثروة وعلم السياسة بوصفه علم السلطة هو في الحقيقة تمييزا ً تحليليا ً على نحو اساسي . في الواقع الفعلي فأن الثروة والسلطة مرتبطتان ببعضهما في نهاية الامر .ثمة اعتقاد اقتصادي كلاسيكي بوجود حالة ما يسمى بعلم الاقتصاد القابل للتطبيق كونيا (Mono-Economics ) , بمعنى أنه منظومة موحدة من مبادئ يمكن الأعتماد عليها في أن نصف ونطبق سياسة معينة بنجاح في الاقطار المتقدمة والاقطار النامية على السواء . أي ان الذي يصح من سياسات في المانيا مثلا بشأن الادخار يصح أيضا في العراق أو مصرأو غانا .لقد تم احياء هذا الاعتقاد في عقد الثمانينيات من القرن العشرين الماضي وتم بناء برامج وسياسات على ضوء هذا الاعتقاد للدول النامية سميت بسياسات التكيف الهيكلي . وهذا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram