علي حسين
درسَ المعرّي أشعار أبي الطيّب المتنبي ، وحفظها وكل ذلك في إعجاب وحب ، وكان المعري يعرف أن المتنبي مجبر على المديح ، فأسرف في مديحه ، وذهب أبعد من ذلك حين رأى في كل ما كتبه من شعر معجزة ، فسمى ديوانه "مُعجز أحمد".
يعذرني القارئ الكريم على العودة بين الحين والآخر إلى رفوف الكتب ، وما تفرضه هذه العودة من المقارنات، فكلما حدث حادث غريب ومثير على أرض الغرائب والعجائب التي كانت تسمى من قبل " بلاد ما بين النهرين " ، أستذكر ما خطته أقلام بعض عباقرة هذه الأرض ، وأعود إلى عمنا " أبو الطيب " وأردد معه : " كفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَ شافِيَا.. وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنَّ أمانِيَا " ، لن نشفى أيها الشاعر، لأننا لانزال نعيش عصر النواب " الضرورة " ، بعد أن انشغلت صفحات الفيسبوك بحصول عدنان الاسدي على شهادة الدكتوراه في القانون الجنائي ، وقبل هذا كان الاسدي قد قدم هدية ثمينىة للعراقيين " جهاز فحص الشامبو " !
أيها القارئ العزيز ، استمع إلى تصريحات العديد من ساستنا وستعرف لماذا أعود دوماً إلى رفوف الكتب ، فكم بنا من المضحكات ولكنه ضحك أمرّ من البكاء ، حين نجيّش الجيوش ونتظاهر من أجل نساء البحرين ومعاناة أهل اليمن ، ثم نضع رؤوسنا في الرمال عندما يتعلق الامر بمواطن أيزيدي او مسيحي ، في الوقت الذي تنشغل فيه كبرى صحف العالم بأخبار 50 امرأة إيزيدية عراقية قامت عصابات بقطع رؤوسهن ، من دون كلمة رثاء سياسية واحدة ، ويؤسفني شديد الأسف، أن تتعاطف صحافة العالم مع كارثة نساء هذا البلد ، على إنها قضية إنسانية كبرى ، فيما يعتقد همام حمودي أن العراقيين يعيشون أزهى سنواتهم ! .
من منكم سمع أو قرأ في الاخبار أن مسؤولاً حكومياً انتفض وتأثر لقطع رؤوس 50 امرأة إيزيدية من قبل عصابات داعش ، نتحدث عن شباب يعانون البطالة والإهمال ، فيضحك منّا الساسة ، ويقولون ما بالكم لاترون الظلم الذي يتعرض له متظاهرو البحرين ، نُصرّ على أن نرفع راية الدفاع عن اخوان تركيا ومصر وتونس ، ولا نعترف بالكوارث التي يعيشها هذا الشعب.
عذراً أبا الطيّب لأنني شغلتك بمشاكل أهلك ، وأنت الذي علّمتنا " ألاّ يثيرني الصغار على العِظام " ، أحب أن أقول لك ،إننا والحمد لله استبدلنا صرخات الإيزيديين ولوعة المسيحيين ، وبكاء الأمهات الثكالى ، بضحكة محمد الحلبوسي التي صفّق لها نوّابنا الأفاضل !