حسام مصطفى السلف التي ينظمها الموظفون فيما بينهم، تبدو اكثر شفافية ونزاهة وعدالة من السلف التي تمنحها الحكومة للمواطنين، فعلى سبيل المثال، ان سلف الموظفين لاتحتاج الى كفلاء فالثقة فيما بينهم متوفرة، وهم مقتنعون ان حصل امر جلل لاحدهم، لاسمح الله،
فانهم ومن باب الوفاء للصداقة سيبرئونه الذمة، على عكس الحكومة التي تلاحق " مطلوبها" الموظف الميت وتأخذ حقها من احفاد أحفاده.السلف التي ينظمها الموظفون لاتحتاج الى مراجعات وموافقات، انه اتفاق " جنتلمان أو ومن " بين حمدية وحسنية وسعاد وسليمة، وخلال ساعات وربما دقائق يتم الاتفاق وجمع الاموال، وحتى اسبقية الاستلام تجري وفق مبدأ التوافق وليس المحاصصة " على عناد السياسيين " ولايطول الامر اشهرا، والأجمل ما في التسلسل انه يخضع في كثير من الاحيان الى مبدأ الحاجة، فهذه على ابواب ولادة وذاك الموظف لايريد ان يبني غرفة في هذا الوطن الشاسع،وهي اتفاقات تنم عن مناكدة للسياسيين الذين يتفهمون حاجات الوطن والمواطن بشكل جيد جدا فسارعوا بتشكيل الحكومة دون صداع العد والفرز والاستبعاد. السلف التي ينظمها الموظفون والموظفات لاتحتاج الى استمارات تصرف عليها المبالغ الطائلة التي يشم من بعضها رائحة فساد مالي، كل احتياجات سلفة الموظفين ورقة صغيرة تكتب عليها اسماء المشاركين والمشاركات وتسلسل استحقاقاتهم الشهرية، لكي لاينسى احد. سلف الموظفين لاتحتاج صراحة الى دفع رشاوى للحصول عليها، فهي اتفاق طوعي توافقي تفهمي لحاجات البعض، وبالتالي لايوجد في ثنايا سلفم، لاراش ولا مرتش، وبذلك يبتعدون الى اقصى الحدود عن مجسات مفوضية النزاهة، التي لم ترح قلوبنا حتى الآن بفضح " صماخ" نتشفى به وعليه ويخيف الآخرين من ان يمدوا اياديهم الى أموال الناس. سلف الموظفين، بلا فائدة، لاواحد بالمئة ولا عشرة بالمئة، لذلك يشارك فيها المسلم والمسيحي، المتشددون منهم والمنفتحون على الحياة، لانها لاتتعارض مع توجهاتهم الدينية، ولايضطر المشارك فيها الى ان يدفع فلس واحد اضافيا، ولا يستقطع منه فلسا واحدا ايضا، فهو يسلم نظيف ويستلم نظيف. سلف الموظفين يجري استلامها بسرعة حال الاتفاق على آلياتها ويعرف من خلال هذه الآلية كل موظف متى يحين دوره في الاستلام فيرتب وضعه على هذا الاساس وتنتهي المشكلة. سلف الحكومة للموظفين على عكس كل هذه التسهيلات التي سنّها الموظفون فيما بينهم، فسلفة الحكومة تبدأ بمحنة البحث عن الاستمارة والحصول عليها، ثم البحث عن كفيل رسمي لايقل راتبه عن راتبك، ثم تأتي سلسلة التواقيع من الموظف حتى المدير العام، مع مايلحق هذه الرحلة من رشاو صغيرة، مثل الغداء أو الببسي أو اشياء أخر، ثم تنتقل الى المرحلة الثانية من الرحلة، وهي محطة المصرف التي تنطلق منها المساومات وتنمو على ارضية المصارف نبتة الرشاوى والمرتشين ووقت الختم وحتى اللحظة التي تستلم فيها السلفة، تكون قد صرفت منها اجرة النقل ومبلغ الرشاوى في الدائرة والمصرف واخيرا الفائدة التي تستقطعها منك الحكومة. والسلام عليكم!
وقفة :الحكومة وسلف الموظفين
نشر في: 27 إبريل, 2010: 04:38 م