الكتاب: فانوس مولوتوف السحريتأليف: راشيل بولونسكيترجمة: عبد الخالق علي ان اكتشاف المكتبة الخاصة بالذراع الأيمن لستالين في إحدى شقق موسكو، يوحي برحلة أدبية ليس فيها الكثير من المعرفة لكنها مليئة بالإضاءات العشوائية.
كانت راشيل بولونسكي قد تخلت عن زمالتها الدراسية الى كامبردج لدراسة الأدب الروسي، و لحقت بزوجها الى موسكو في منتصف التسعينيات.في البداية كانت تعتقد ان بامكانها البحث في تأثير الاستشراق على الأدب الروسي، بعد ذلك حاولت ان تكتب رواية، لكن يبدو ان كلا المحاولتين  لم تتحققا.بدلا من ذلك، و بعد عشر سنوات من القراءة و الكتابة حصلنا على (فانوس مولوتوف السحري)، وهي نوع من التهجين الذي يبدأ واعدا و مغريا كأية رواية ثم ينتهي بكونه رحلة أدبية ممتعة غير متوقعة.اشت بولونسكي مع زوجها في الشقة رقم 3،زقاق رومانوف،في عمارة سكنية قريبة من الكرملين  تم بناؤها للأثرياء من أصحاب المهن، ثم استولى عليها البلشفيون خلال الثورة تحت شعار " نزع الملكية عمن انتزعها ".في أحد الأيام، عرض مدير مصرف – يعيش في شقة كان يسكنها سابقا مولوتوف، وزير الخارجية السوفيتي السابق – على بولونسكي أثرا من الآثار التي تركها ذلك الستاليني العجوز في الشقة، و هي عبارة عن فانوس سحري.انها  تنظر عبر ثقب صغير الى سلسلة من الصور المتراقصة من حياة و تاريخ روسيا.ثم أعطاها مفتاحا لتتمكن من البحث في بقايا مكتبة مولوتوف.هنا تعثر على مناظرات و ذكريات، الكثير منها مهداة الى الرفيق مولوتوف من قبل مؤلفين متملقين قام مولوتوف بإعدامهم فيما بعد.هذا الكم الهائل الذي يغطيه التراب، يوفر ترابطا – هشا و عشوائيا مثل تعليقات مولوتوف بالحبر الاحمر – مع قرن من تاريخ روسيا.تابعت بولونسكي آثار مولوتوف في المكتبات و كتابات الجواسيس و الدبلوماسيين و مؤلفي الحزب و الجنرالات المنسيين و الشعراء و القساوسة. كل فصل من الكتاب مؤسس في مدينة روسية مختلفة تم اختيارها، كما يبدو، حسب الهوى الفكري.الوصف جميل (كان الممر معتما و الرياح متكسرة، قمم الاشجار تمسك بضوء القمر ذي اللون الليلاكي)  الا ان الرواية خيالية و النص مكتظ بعقود مختلطة من الزمن: من مدبري اغتيال القيصر المنفيين الى سيبريا في القرن التاسع عشر، حتى رعب سنوات الثلاثينيات، ثم العودة ثانية الى القطارات المغلقة في 1917 و اللصوص القوقازيين خلال الحرب الأهلية.وسط كل هذا التأرجح من و الى التاريخ، تضيف بولونسكي بعضا من المقتطفات و السير الذاتية لبوشكين، هيرتزن، برادست، ماندلستام، تولستوي، هيرودتس، آرثر رانسوم، أخماتوفا، بودلير، دستويفسكي و آخرين.انها تفترض ان البشر هم  ملخص الكتب التي قرأوها، و تؤكد كل فكرة من أفكارها بأقتباس مناسب.هذا كتاب عن إشارات متقاطعة للمؤلفين و للكتابة عموما، و للمؤلفين الذين يكتبون عن قراءة مؤلفات الآخرين، و هو كتاب مربك في الغالب، لكن بعد لحظات قمت بإبعاد الدوار الفكري الذي يجول في رأسي و تركت القلق بشأن التمييز ما بين الاخوة فافيلوف (سيرجي الفيزياوي المنشغل بوسواس الأنارة، و نيكولاي عالم النبات الذي تم اعتقاله لجرأته على انتقاد هذيان ليسنكو)  و بدلا من ذلك وجدت نفسي مسرورا ببعثرة الاكتشاف.ان بولونسكي تتعرج في الفكر اكثر مما تطوف فيه.ان (فانوس مولوتوف السحري) ليس جزءأ من التاريخ و ليس نقدا أدبيا، انما هو مصباح يدوي يضيء زوايا و شقوقا بين الاثنين.انه في صميمه كتاب عن أهمية الكتب.في منفاه في سيبريا عام 1915، يكتب مولوتوف بلهفة الى أحد اصدقائه: " سأكون ممتنا لو أرسلت لي شيئا ذا قيمة، خاصة عن الماركسية.اني متلهف للكتب." في احدى النقاط تتبع بولونسكي واحدا من خيوطها المتعرجة التي لا تضاهى و التي تربط بافلوف – العالم الذي نال جائزة نوبل لكتابه عن الانعكاس المشروط، خلال رسائله الى مولوتوف مستنكرا الافراط في الرعب – بالشاعر شالاموف تأهيله أخيرا:" ليس هناك اجمل من رؤية كتاب لم تقرأه من قبل" وبالتأكيد فإن بولونسكي تتفق معه تأهيله أخيرا:" ليس هناك اجمل من رؤية كتاب لم تقرأه من قبل". المتعطش للكتب و هو في السجن.انها تستشهد به عندما تمت اعادة تأهيله أخيرا: " ليس هناك أجمل من رؤية كتاب لم تقرأه من قبل.