علي حسين
أحاول دائماً أن أتذكر، وأنا أقرأ وأُشاهد أخبار هذا الوطن ، تجارب الشعوب التي عانت الظلم والاضطهاد . في كل مرة أقرأ سيرة جديدة عن مانديلا ، أو غاندي ، أو ماجرى في ألمانيا على يد كونراد أديناور العجوز الذي قاد بلاده وهو في سن الثالثة والسبعين واستطاع خلال سنوات قليلة أن يجعل من المانيا المهزومة، واحدة من أقوى اقتصاديات العالم.
يصنع التاريخ أولئك الرجال الذين خرجوا من طائفيتهم ومذهبيتهم الى فضاء أوسع، المتعصب لايصنع اللحظة التاريخية.لم يكن غاندي صاحب ائتلاف كبير مثل ائتلاف الإصلاح أو البناء ، ولا نادى بدولة القانون مثل المالكي، ولا رفع شعارات عن الإصلاح والتكنوقراط كان مجرّد رجل نحيل يرفض أن يخدع الناس بخطب زائفة .
بالامس وكالعادة أخبرنا الناطق الرسمي باسم مجلس القضاء عبد الستار البيرقدار " عدم وجود حكم أو مذكرة قبض بحق أي شخص بدوافع سياسية " ، كلام جميل ، لو انه طبق على أرض الواقع ، لما كان للقضاء أن يطارد سنان الشبيبي الخبير الاقتصادي بتهم مضحكة ، وحصل الامر مع القاضي رحيم العكيلي الذي وجد نفسه منفياً من بلاده لمجرد أن صاحب الصولجان غاضب عليه ، أليست هذه كانت قضايا سياسية ؟ ولهذا ما إن أسمع مثل هذه الاحاديث المضحكة حتى أجدني أشغل نفسسي بالبحث عن أسماء السياسيين الذين أنقذوا بلدانهم من السقوط في بئر الكراهية والثأر .
قبل أيام قرأت تقريرا مثيرا عن رواندا ، هذا الاسم بالتاكيد سيذكركم بالمليون قتيل الذين تقطعت أجسادهم بالمناجل ، في معركة بين طائفتين ، وكان العالم يشاهد عبر الفضائيات عشرات الالوف من الناس يسيرون خلف بعضهم البعض وعلى رؤوسهم طعام قليل وملابس ، كان هذا كل ما يملكون.
والآن التقارير التلفزيونية والصحفية تخبرنا أن رواندا تحولت من "الإبادة الجماعية" إلى عاصمة السياحة بفي افريقبيا ، فقد تغير الوضع حين قرر ساستها أن يبدأوا مشروعا حقيقيا للمصالحة ، وليس مشروعا على غرار مشاريع عامر الخزاعي الكوميدية ولا على طريقة بيانات هيئة المساءلة والعدالة ، فقد اعتمدت الحكومة سياسة "الاتحاد والمصالحة، " لتحقيق التسامح بين الناس واستئناف العيش المُشترك .وكان اهم قرار ان كثّفت السلطات الجديدة الجهد للقضاء على الفساد المالي والإداري، كما توجّهت السلطات إلى الزراعة كونها النشاط الرئيس للبلاد حينها،. وخلال سنوات قليلة، بدأت النتائج تظهر ، فقد حققت رواندا أحد أسرع معدلات النمو في العالم ، متفوقة على إيطاليا والبرازيل والهند..فيما نحن لانزال ننتظر بيانات الناطق بأسم أي شيء .