adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
لنتخيّل ... فقط نتخيّل، أنّ "لجنة تقصّي الحقائق" البرلمانية بشأن سقوط مدينة الموصل في أيدي إرهابيي داعش منتصف 2014، الجاري الحديث عنها الآن (!) كانت لها منذ البداية السلطة الكاملة التي يتطّلبها التحقيق في قضية وطنية كبرى كهذه ( يكفي أن عدد ضحايا كارثة الموصل من قتلى وجرحى ومغتصبات ومجهولي المصير ومشردين بعيداً عن ديارهم وأهلهم يتجاوز المليون نسمة!) فما كان سيحدث للملف برمّته وما كان سيحلّ بالمسؤولين عن المحنة الذين سهّلوا لداعش تنفيذ جريمته؟ وكيف كان الضحايا سيُعاملون؟
أول إجراء كان يتعيّن أن يلتزمه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وقبله سلفه حيدر العبادي، بحسب ما تعهدا به، هو: الضرب بيد من حديد على رؤوس أربعة أو خمسة في الأقل من كبار المتورطين في قضايا الفساد الإداري والمالي. معرفة هؤلاء والكشف عنهم ليس بالأمر الصعب، فكلهم معروفون للجميع، وعادة تجمعهم الصفوف الاولى للمؤتمرات الخاصة بمكافحة الفساد، بما فيها المؤتمر الذي نظّمه المجلس الأعلى لمكافحة الفساد (الحكومي) أخيراً ..!. إنهم يجلسون هناك بابتسامات عريضة، يسعون بذلك الى إشاعة أجواء الألفة والفرح، فكل شيء من زاوية نظرهم، تمام التمام ، والكلام عن الفساد إنما هو عن شيء لا وجود له.. هذه هي رسالتهم الوحيدة.. الفساد دعايات سياسية كما قال لي أحد رؤساء الوزارات السابقين ذات مرة. هم جميعاً يحذرون من الفساد لكنهم يعنون فساد "الآخرين"، فهم خارج نطاق تغطية الفساد!، حتى ليخيل إليك ان هذه الدولة ليس فيها سوى فاسد واحد لا غير ... هو أنت، المواطن المغلوب على أمره والممتحنة إنسانيته ووطنيته وكرامته.!
تكسير كم رأس (بالقانون) كان سيبث الرعب في نفوس الفاسدين الحقيقيين والمفترضين، وكان سيدفع بهم للبحث عن حلّ لمشكلتهم التي تحتار الدولة الآن كيف ستحلّها ... وما من سبيل للحل غير الطرق بالحديد على رؤوس الفاسدين .. أمام منصة القضاء.