علي حسين
لم يعرف تاريخ الأدب ، كاتباً شغل الناس والنقاد ، مثل غابريل غارسيا ماركيز ، لايزال حاضراً بقوة في ذاكرة الناس ، بعد أن ابتدع لنا عالم الواقعية السحريّة. ولكن أليس الواقع الذي نعيش فيه اليوم أغرب من السحر والخيال معا؟ وما هو أغرب من أن يُصرّ رئيس الجمهورية على إعادة الوجوه القديمة الى الواجهة ، وكان آخرها البشرى التي تلقاها المواطن بتعيين علي شكري " قائداً " للمستشارين! .
عندما كتب ماركيز النسخة الأولى من روايته الشهيرة مئة عام من العزلة ، كانت بأكثر من 800 صفحة ، رفضها الناشر وهو يوبّخه: من يقرأ كلّ هذا الكوم من الورق؟ فأعاد كتابتها وهذه المرة بـ600 صفحة فرفضها الناشر مصرّاً على أن لاتتجاوز الأربع مئة. ولم يكن يدري أنّ هذه الصفحات الأربع مئة ستأخذه إلى المجد.
ظلّ نموذج السياسي المتسامح يشغل ماركيز طوال حياته، وهو يقول لكاتب سيرته " لقد تعلّمت أنّ الإنسان عليه أن يساعد الآخرين على الوقوف مرفوعي الرأس إلى جانبه.. الإنسان الذي يصرّ على أن ينظر إليه الآخرون مطأطئي الرؤوس لايستحقّ صفة الإنسانية ".
يتشابه البؤس مع الخراب، وتختلف أرقام وأحجام خسائر الوطن والمواطن، فيما الناس تدفع ثمن ما تجمّع عليها من روزخونية ارتدوا زي الساسة، خطفوا كل شيء، المال والقانون، والرفاهية، والأمل. تجمَّعوا وخرجوا في خطاب كريه، ففي اللحظة التي يخرج فيها العالم كل يوم إلى السعادة والعدالة الاجتماعية والمستقبل... يصر" ساستنا " على بناء سواتر تمنع الخير عن الناس.
نسمع كل يوم حكايات من الشعوب التي لايحكمها ساسة " نصابين " ، ولكننا نمر عليها على عجل. لأننا مشغولون بحكايات الإصلاح التي لا تريد أن تنتهي ،ولهذا لانتوقف على خبر مثير يقول إن تجارة دبي الخارجية غير النفطية تصل إلى 353 مليار دولار في 2018 ، سيقول البعض يارجل لماذا تكتب دائما بإعجاب عن مدن مثل دبي وسنغافورة ، لأن هناك ما يمكن الكتابة عنه ؟ تأملوا حياتنا، فعمّاذا نكتب؟ تأملوا معي غياب العدل والرحمة ، ورائحة الكذب التي تخرج من أفواه المسؤولين، عمّاذا نكتب؟ عن النائب " ريان الكلداني " الذي يصرخ ان النواب هم أفضل وأشجع شريحة في المجتمع ! ، أم عن الخبر المثير الذي يقول ان نوابا كثيرون لا يعرفون بعضهم البعض، ومنهم من فاز بعضوية المجلس وتوارى عن الأنظار، كما في الدورات السابقة، وان هناك نائبا يسكن في دبي، جاء مرة واحدة إلى البرلمان من أجل تأدية اليمين الدستورية واختفى بعدها .