علي حسين
من موقع المسؤولية، أو الرؤية لعراق ما بعد 2003 تدخل رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في مسألة تجديد أروقة البرلمان حتى يليق بالسادة النواب ، وتقدم بخطة ليطرد الاعلاميين خارج المركز الصحفي ، الذي سيحوله الى مقر لإحدى الكتل السياسية ، ورغم ان الحكومة صدعت رؤوسنا بالتقشف وطلبت منا شد الاحزمة على البطون ، إلا أن للسيد الحلبوسي وجهة نظر أخرى ، حيث يجد سيادته أن الأمر لن يكلف الدولة سوى ملايين قليلة من الدولارات ، وفي العراق المليارات كثيرة ، لكنها حكر على السياسيين .
هل من سبب لإبعاد الاعلاميين ووضعهم في كرفان خارج قبة البرلمان ؟ القرار القرقوشي ايضا يقول أن لايحق للصحفي ان يلتقي بالنائب داخل البرلمان ، وبعد في اعتقادي أن السياسي العراقي يشعر بالتعالي على الصحافة العراقية ، ولا يهمه أبداً أن تذهب الصحافة أو تبقى ، ولهذا نجد معظم المسؤولين العراقيين ، يفتح أبوابه وخزائن ذاكرته لصحفي من جريدة عربية أو قناة فضائية أجنبية ، لكنه يستنكف أن يجلس أمام صحفي عراقي ، إلّا بشروطه ، التي هي أن يضع المكتب الإعلامي لفخامته الأسئلة ويجيب عليها ، يضعون بينهم وبين الصحافة العراقية أسواراً من الحديد ، لكنهم يهرولون وراء الصحف العربية ، بل والبعض منهم يدفع أموالاً طائلة ، لكي يظهر على صفحات إحدى هذه الصحف ، ولا ننسى حكاية الوزير " السيادي " الذي دفع من أموال نفط العراق مئة ألف دولار عدّاً ونقداً ، لإحدى الفضائيات العربية ، لكي تنتج فيلماً وثائقياً عن " بطولاته " ، وحكاية محافظ بغداد الاسبق الذي أصرعلى أن ينشر نشاطاته وجولاته على شكل اعلان مدفوع الثمن في صحيفة عربية ، وسار على نهجه وزراء الصناعة والتربية والزراعة ، الكلّ يدفع من أجل نشر صورهم وهم يقصّون شرائط لمشاريع وهميّة ، هؤلاء أنفسهم يستنفرون قوّاتهم ، حين يُدلي موظف صغير بتصريح لإحدى الصحف العراقية ، حتى أنّ معظم الوزارات أصدرت"مشكورة" توجيهات بغلق الأبواب والنوافذ أمام وسائل الإعلام المحليّة ، وعلى الصحفي حين يستخدم المعلومات أن يخفي نصفها حتى لا يتعرض الى مساءلة القانون، تكفي هذه الأمثلة لكي نسأل ، إذا كانت الصحافة حقاً جهاز مراقبة كما أراد لها الدستور، فكيف تمنع من الجلوس داخل قبة البرلمان الذي هو ممثل الشعب الذي تعدّ الصحافة جزءاً من سلطته؟! ، كيف بإمكان الاعلامي العراقي أن يقدّم المعلومة وهي يجلس في " كرفان " الحلبوسي ؟!