TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: بمناسبة نزاع عشيرتين في البصرة

قناطر: بمناسبة نزاع عشيرتين في البصرة

نشر في: 19 مارس, 2019: 12:00 ص

 طالب عبد العزيز

لوسئل أيّنا السؤال التقليدي: أيهما أفضل في بناء الدولة رجل الدين وشيخ العشيرة أم ضابط الشرطة ورجل القانون ؟ لقلنا بلا تردد: الضابط ورجل القانون. منذ سنوات، وأنا أبحث في وظيفة رجل الدين وشيخ العشيرة، في بلاد يحكمها القانون وتسودها العدالة فلا أجد توصيفاً وظيفياً. ونبحث في أسباب أزمات البلاد وعناوين التخلف فلا نجد في الضابط ورجل القانون والمهندس والطبيب ومعلم الرسم والموسيقى إلا أسباباً في النهوض والرقي والتقدم.
وأنا، هنا لا أنتقص من دور رجل الدين، في بعض مراحل التحول الطبيعي للشعوب، من الكهنوت الى العلم، في أقل تقدير، وقد نجد العذر في تلبية بعض الحاجات الإنسانية، التي منها تطمين النفس بالجنة وردعها بالنار والشعور بأهمية قيم السماء في تقليص الفجوة بين المعلوم والمجهول الكوني، لكنني، لا أجد في شيخ العشيرة إلا المعرقل والمثبط لكل عملية في استقرار المجتمعات، وتعطيل قوانين الدولة واستباب الأمن، وكان العراق قد شهد خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي تراجعاً في أهمية العشيرة وشيوخها، حين قطعت المدنية شوطا كبيراً في الحواضر العراقية، مثل بغداد والموصل والبصرة وكركوك وغيرها.
مخجل أن يظهر قائد عمليات البصرة عبر إحدى الشاشات، ليعلمنا بأنّ الأسلحة التي تمتلكها العشائر في البصرة، تفوق في عديدها ما تمتلكه فرقة عسكرية في الجيش !! ومقرف أن نجده يبحث في الحلول، فلا يجد مخرجاً، أي قيمة اعتبارية لعدد الأنجم والسيوف والنسور التي يحملها على كتفيه، هذا الضابط العاجز عن ردع خصومة مسلحة، بين عشيرتين، كل أمجاد أبنائها أنهم تحدوا الدولة ! من يريد أن يحكم قبضته على أمن بلاده، ويجعل من الاستثمار والنهوض الاقتصادي واقع حال، عليه أن يبدأ بنزع أسلحة هؤلاء الخارجين على القانون، الذين يجدون في التجمعات والأحزاب الدينية المسلحة ملاذات آمنة لهم.
صراع النفوذ بين الاحزاب الدينية نفسها واستقواء رجال العشائر بالأحزاب هذه، وارتباطهم مجتمعين بمصالح خارجية، لا غير، هو السبب الاول والاخير، الذي جعل من قضية الاستثمار مستحيلة في البصرة، على سبيل المثال، وهو أمر معلوم ومقروء وواقر في يقين المؤسسات الدينية والسياسية والاقتصادية والامنية ببغداد، لكن، التخلص منه بات مستحيلاً، بعد أن تغول نفوذ هؤلاء، وأصبحوا يهيمنون على كل شيء، ومن ثم قادرين على قتال من يقف بوجههم، والإفلات من قبضة القضاء، مهما كلفهم الامر.
واهم، كلّ من يتحدث عن تغيير، في بنية الدولة العراقية. الدولة، التي تقف عاجزة عن لجم جماح عشيرتين في البصرة. ففي تصريح ذليل يقول ناطق إعلامي: إنّ الشرطة وقيادة العمليات صادرت خمس بنادق وأعيرة نارية وداهمت منازل وأخذت مطلوبين. يا للسخف !! ألم يقل قائد العمليات بأن العشائر تتفوق بأسلحتها على ما تملكه فرقة في الجيش؟ أيكفي سحب خمس بنادق لتنتصر شرطتك، يا ترى ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram