علي حسين
قبل سنوات انتشرت على الصفحة الأولى من معظم صحف العالم صورة المواطن الكوري الجنوبي وهو يصفع رئيس وزراء بلاده متهماً إياه بالتقصير في حادث غرق عبارة راح ضحيته عشرات الاشخاص .. مع هذا الرقم تذكّر أيها القارئ عدد ضحايا العمليات الإرهابية التي وقعت في مدن العراق خلال السنوات الماضية ، وأتمنى عليك أن تمسح من ذاكرتك أرقام ضحايا الإهمال والفساد والفشل ، واضيف اليهم ضحايا عبارة الموصل الذين اثاروا شهية محافظ الموصل نوفل العاكوب الى الضحك والصفاقة .
كأنما الدرس الذي تعطيه بعض الشعوب موجّهٌ على نحو خاص، الى بلد يعتقد ساسته أن المواطن مشروع دائم للفداء . ضحايا العبارة الكورية وقفت البلاد من أكبر مسؤول الى أبسط مواطن تذرف الدموع لأجلهم، فيما تخلى مسؤولونا عن إنقاذ مواطنين تحولت بيوتهم الى مقابر جماعية. الحكومات الفاعلة تفتح طرق الحياة مع شعوبها، فيما يشيّد ساستنا سدوداً بينهم وبين الناس تكبر يوماً بعد يوم.
ما سرّ بلدان مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة واليابت واخرها نيوزيلندا لانها بلدان لايخرج فيها على الناس مسؤول بسذاجة عبعوب فيقول إن طوكيو زرق ورق ، فيما النفايات تحاصر مبنى أمانة بغداد .
في كوريا الجنوبية لايسمح لرئيس الوزراء بأداء القسم أمام الجمعية الوطنية مالم يقدّم كشفاً بأسماء أبرز مستشاريه .. وفي بلاد الرافدين لا أحد يدخل على رئيس الوزراء سوى المقربين منه ، ولايقف وراء رئيس البرلمان إلا أحد أبناءعمومته ، الإضافة الوحيدة للديمقراطية أن تضع خمسة من أفراد عائلتك على رأس قائمتك الانتخابية ، هكذا نرفع شعار دولة القانون .
في بلاد سياسيي الصدفة، لا أحد يريد أن يطمئن ركاب عبّارة الوطن على حياتهم ومستقبل أبنائهم.. فعبّارة البلاد تمضي في بحر متلاطم متصارع الأمواج ، لا شاطئ أمان ولا ضوء من بعيد تهتدي إليه، فيما حيتان الفساد والطائفية يتربصون بالجميع.
ماذا سيفعل وكلاء الوطنية العراقية اليوم وهم يرون عبّارة الوطن في طريقها الى الغرق، بعد ان صمتوا على غرق عبارة الموصل ، وما هو موقف الذين يصرخون ليل نهار لإنقاذ اهالي البحرين في الوقت الذي يطالبون العراقيين بنبذ روابط الدم والتاريخ والمواطنة؟
سيقول البعض إننا نعيش مع ساستنا عصر الكوميديا "المبتذلة" بامتياز، فعلى منصة العبّارة السياسية ، نستمع كل يوم الى تصريحات أقرب للهلوسة، وخطب وشعارات فقدت صلاحيتها للتأثير أو حتى لاستدراج الضحك.
انسوا لامقارنات ، فأنتم تعيشون في ظل مسؤولين جفت ضمائرهم ، مهمتهم الوحيدة أن يهدموا هذا الوطن ليتربعوا في النهاية على أنقاضه ،والصفعة الوحيدة التي بإمكانكم أن توجّهوها إليهم هي أن لاتنظروا الى وجوههم.