طالب عبد العزيز
بعد ارتفاع مناسيب المياه، في شط العرب، وبلوغها خطر الفيضان، في بعض مناطق جنوبي الفاو، يمكننا أن نوجز ما يمكن عمله، إذا وجدنا من يصغي لنا، في حكومة البصرة المحلية. ولأننا، أبناء نخل وماء وزرع، ولنا خبرة لا بأس بها بهذا الشأن، نقول بادئ ذي بدء: يتوجب على الحكومة التفكير جيداً باحتمالات تكرار الزيادة المائية في السنوات القادمة، إذ، هناك من يشير الى تغيير مناخي، خلال المئة سنة القادمة، مفاده الزيادة في الأمطار والسيول والثلوج ايضاً، وهذا يتطلب التفكير الجاد في إمكانية استيعاب شط العرب للكميات الكبيرة، التي يلقي بها دجلة والكارون مستقبلاً.
معلوم أن أكتاف شط العرب عارية تماماً أمام أي زيادة قادمة، وهو لم يكرَ منذ قرابة الأربعين سنة، بمعنى أن الطمي والغوارق الكثيرة فيه ستؤثر في قدرته على الاستيعاب، ولأن معظم الانهار المتفرعة لم تكرَ أيضاً، وتعطلت حركة المد والجزر فيها منذ سنوات بسبب ردم المئات منها، إثر تحول البساتين في قضاءي أبي الخصيب وشط العرب(التنومة) الى مساكن ومحال تجارية فقدْ فَقَدَ الشط وأنهاره ما نسبته الـ 50% من طاقة الاستيعاب، وبذلك لن يصمد الشط أمام أي زيادة في الإطلاقات المائية ومن ثم سيكون الفيضان واقع حال لا محالة.
امتلأ شط العرب من القرنة الى حدود الفاو الجنوبي، بالماء العذب القادم من الكارون خلال الايام القليلة الماضية، في سابقة لم تحدث منذ العام 2009 بمعنى إن إمكانية استعادة الاراضي الزراعية الواقعة على ضفتي الشط باتت ممكنة جداً ، إذا ما وجد القائمون على أمر المياه السبيل لخزنها والإفادة منها، ومعلوم أن المناطق تلك كانت غابة نخل متصلة، وفيها من البساتين ما لا يحده البصر.
ستخسر الاراضي العراقية المهملة في المناطق تلك مساحات واسعة جداً إذا ظلت الحكومة والجهات الزراعية بإهمالها لها، ذلك لأن الماء سريع الجريان في المد والجزر يجرف يومياً مئات الاطنان من تراب أكتاف الانهار الكثيرة، الصغيرة والكبيرة، بما يضاعف من انجراف التربة، التي تعاني من انخفاض مستواها، بسبب استخدام الجيش لها كسواتر ترابية خلال الحرب مع إيران، ويلاحظ المستطلع لها كيف تحولت البساتين تلك الى مستنقعات مائية، زاد ذلك سوءاً الاستخدام السيّئ لها من قبل مزارعي الاسماك ومربي الجواميس، الذين نزحوا من مناطق الاهوار، مستغلين خلو المنطقة من مالكيها الأصليين.
بقي أن نذكر بأن تأسيس شبكة مجارٍ حقيقية من قبل شركة أجنبية متخصصة، في أبي الخصيب بات أمراً ضروريا ولا فكاك منه، إذ أن مئات الانهار أصبحت مسارب لمياه المجاري القذرة، الثقيلة والخفيفة، بمعنى أنها تتسبب في التلوث بأضعاف ما تتسبب به المدينة، حيث توجد شبكة المجاري، ومن يعاين الانهار يكتشف حجم الجريمة التي ارتكبت بحق الطبيعة، مثلما يكتشف ما آلت اليه أحوال البيئة والناس من قبح وتلوث.
رسالة نوجهها الى النواب جبار لعيبي وعدي عواد والشيخ مزاحم التميمي بوصفهم أكثر النواب انشغالا واهتماما بأمور البصرة، نقول لهم إذا كنتم غير قادرين على إيقاف التجريف إذن، عجلوا بتأسيس شبكة المجاري في أبي الخصيب، لحفظ المياه من التلوث، ومن ثم إنقاذ الناس والحيوان والنبات.