TOP

جريدة المدى > غير مصنف > من أشعل النار فيها؟

من أشعل النار فيها؟

نشر في: 28 إبريل, 2010: 04:36 م

سميرة الوردي بخضرة تلك الغابات وجبالها وبالوديان وضفاف النهرين حلمت خارجة من بطون التاريخ، حاملة اسفارها، تجوب الارض شرقا وغربا لاتحدها حدود، توق ان تفوز بالعلم وان تتخرج بدرجة عالية تؤهلها للارتقاء بحياتها الى اقصى ما تريد،
 تحقق حلمها بالرغم من قسوة الظروف التي احاطت نشأتها الاولى، عرفتها كما عرفت اخريات من خلال وقائع يرويها ابي بفخر واعتزاز ، لتنعكس عندي كأسطورة رومانسية تصوغ حياتي ، كان معجبا بكثير من النساء اللواتي كسرن قيودهن ليكن قدوة ومثالا يحتذى بهن في بناء ثقافة ووعي مجتمعين كروزا لوكسمبرغ وجان دارك، يفتخر بنسائنا اللواتي اسهمن كالرجال في العمل السياسي والثقافي ، يذكرهن امامي وكأنه يتمنى ان اكون مثلهن، كثيرا من النسوة المناضلات عرفتهن بوعي دون ان اراهن أو قد اكون شاهدتهن في محفل وظلت ذكراهن عالقة في خيالي على مر السنين..كثيرا ما تردد في داخلي، اسم حياة شرارة، لا ادري ما الذي يربطني بها، اعرفها ولا اعرفها حتى عثرت في يوم من الايام على كتاب لهم في النقد مترجم عن الروسية، وجهها اليف في ناظري، وكأني اعرفها منذ زمن طويل، وما ان قرأت سيرتها حتى وجدت ان ما يربطني بها اشياء كثيرة، مرت سنون مثقلات بالدم والجوع والغضب وسمعت خبرا لم اصدقه في حينها، الاديبة الكبيرة والتي نالت الدكتوراه بجهودها وذكائها وتبوأت مكانة علمية راقية تنتحر حرقا وتحرق معها ابنتيها،ويشاء القدر ان تنجو احدى البنتين.مر الخبر مرور الكرام وكل عراقي محمل بهمه. ادركت حينها ان حياة احرقت وابنتيها ولم تنتحر كما اراد الطغاة ايهام الناس. المنتحر شخص ضعيف مريض نفسيا اما حياة فهي تلك المناضلة الجسور التي لا تحنيها المحن ولا تذلها المصاعب ومرت السنون واذا بي اجد كتابا لها تحت عنوان (اذا الايام اغسقت) كتاب جسدت فيه حياة المأساة الحقيقية التي وقع الشعب العراقي تحت وطأتها والتي لم يدركها اخواننا العرب، لأنهم لم يذوقوها بالرغم من رداءة حكامهم وقسوتهم، جسدت فيه ممارسات القمع اليومية التي مارسها النظام لإذلال الناس في لقمتهم اليومية، مَن من اخواننا العرب ادرك ما عاناه العراقيون بكل فئاتهم في ادق تفاصيل حياتهم ابتداء من وقوفهم فجرا طوابير على المخابز التي قد يظفرون منها بأرغفة معدودة وقد يرجعون خائبين يقضون يومهم بقدرة قادر انتهاء بمسائهم المظلم البارد. بين يدي الطبعة الثانية من الكتاب في عام 2002 والمقدمة كتبت عام 1999 أي قبل سقوط النظام باربعة اعوام وكان موتها في 1 اب عام 1997، إشاعات كثيرة روجت قبل انتحار حياة كقتل امرأة لابنائها كي يستطيعوا ملأ بطونهم.من عاش تلك الفترة لايستغرب من هذه الاشاعات بل الادهى اصاب بعض الناس القلق والخوف من ان يموتوا فلا يجد اهاليهم ثمنا لاكفانهم ، حتى لو افترضنا جدلا انها انتحرت فهل يعقل ان تقتل ابنتيها بتلك الطريقة الجنونية التي لامثيل لها في قسوتها وهي المثقفة الحالمة المترجمة لأرق شعراء وادباء الادب الروسي، لماذا تختار الحرق وهو الاقسى بين طرق الانتحار ولا تختار الموت بالسم مثلا، وكيف احرقت ابنتيها واحرقت نفسها لتنجو احدى البنتين بعد ذلك، اسئلة كثار لاتجد جوابا، كل من وصل لسدة الحكم مجد قتلاه والاصح شهداءه واقيمت مراكز وهيأت ومحاريب لهم وكأنهم في كون آخر وليس كل العراقيين شهداء بأيدي النظام وجلاوزته، فمن يمجد حياة شرارة ويبني محرابا لها؟  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram