عبد الهادي فنجان لقد اختارت الدكتورة حياة شرارة هذا العنوان لترجمة كتاب “فن الترجمة” اما المضمون فكان ثلاث مقالات لثلاثة كتاب ومترجمين افذاذ هم: الارمني ك.
سورينيان والكاتب البلغاري فلورين والكاتب السوفيتي روسيلس. وقد اضفنا للعنوان كلمة الفرسان الثلاثة لما لهؤلاء الكتاب الثلاثة من قوة تأثير ولما تركوه من اثار متميزة في مقالاتهم واثارهم الثقافية.لقد كانت كلمة التقديم في هذا الكتاب علمية مما حدى بنا إن نستخلص منها الكثير لننير الطريق امام القراء او اصحاب الاختصاص وطلبة اقسام الترجمة في جامعاتنا عند انبثاق هذا الفجر الجديد فجر حضارة العراق القادم.“فليس المترجم الجيد من يترجم من لغة لأخرى بل من يمتلك مدى رحبا للعمل فهو يترجم تفكيرا لغويا معينا الى تفكير مغاير، ومن مجموعة معقدة الى مجموعة معقدة اخرى ولا يقتصر على نقل المدلول الدقيق انما النبرة والايقاع والوتيرة والنغمة وبكلمة اخرى: اللون العاطفي الفردي المكثف للنتاج الفني فهو يترجم الاسلوب وروح النتاج الادبي عبر الادوات اللغوية”.المقالة الاولى للكاتب الارمني سورينيان يتعرض فيها لتجربته في ترجمة رواية “الاخوة كارامازوف” للكاتب الروسي دستويفسكي. والمقالة اضافة الى دخولها في باب نظرية الترجمة الا انها تنطوي على ملاحظات نقدية فيما يخص تجربته في النقد والترجمة. وبالرغم من كل الملاحظات الابداعية التي صاغها ونقله للتجربة التي خاضها الا انه كان يغالي بعض الشيء في مهمة المترجم حتى لقد وصل به الامر إن يصرح بأنه لهدف إن يترجم لدستويفسكي قبل بالذهاب للدورات الادبية العليا في موسكو باعتباره كاتبا وعضوا في اتحاد الكتاب ” وذهبت لهذه الدورات لغرض العيش في موسكو والاختلاط بالروس والتشبع بقدر الامكان بروح الشعب الروسي والتعرف على معيشته وعاداته والاحاطة بالسمات المميزة للفرد الروسي وسماع جزيئات اللغة الروسية ودراستها سمعيا اضافة الى ناظري”.ومما يسجل له كمترجم مبدع او ككاتب، ملاحظاته الدقيقة والشيقة حيث يعتبر الترجمة “لحظة سيكولوجية معينة “كما انه يعتبر” الترجمة الفنية - عملية ابداعية” حتى لقد وصل به الاعتقاد بان المترجم “يجب إن يشعر بأنه هو الذي يقوم بكتابة هذا النتاج “كما انه يعتبر افضل ترجمة” هي التي تنسي القارئ بانه يقرأ كتابا مترجما”.هنالك الكثير من الملاحظات التي تتعدى عملية الترجمة الى النقد والتشكيل والموسيقى وعلاقة هذه الفنون بفن الترجمة.اما المقالة الثانية للكاتب البلغاري فلورين فهو يتعرض فيها لأهمية استعمال المعاجم مهما تمكن المترجم من اللغات التي يترجم منها واليها فيقول: “مترجم الادب الفني الذي يترجم بدون استعمال المعجم، ليس مترجما على العموم” وهو بالاضافة الى تركيزه على استخدام المعاجم يتفق مع سورينيان على إن الترجمة هي عملية ابداعية اضافة الى تشكيلها اسهاما في الادب الوطني وفي الثقافة لشعبه.مما لا شك فيه إن على المترجم إن يمتلك زمام اللغة التي يترجم منها وان يكون على اطلاع واسع باللغة التي يترجم اليها وبالرغم من ذلك يتحتم عليه إن يجعل القاموس ملازما له والهدف من ذلك هو “ايجاد الجملة المرادفة لتلك الجملة في الحالة الراهنة”.“ولا يستثنى من ذلك سوى بضع كلمات وعبارات منفردة تتخطى حدود المعارف اللغوية والثقافة العامة”.هنالك الكثير من الامور التي تخص فن الترجمة طرحت في هذه المقالة ولكنه ركز بشكل رئيس على عملية استعمال المترجم للقواميس حتى لقد اعتبر إن القاموس هو احد اسلحة المترجم “ولا بد من استخدام مختلف الاسلحة عند الاشتراك في المعركة”.لقد اضاف س. فلورين مجموعة كبيرة من المعاجم الى مائدة المترجم لمساعدته في سبر غور عالم الترجمة الواسع حيث اضاف معجم التكنيك والموسيقى والتجارة والفلسفة والطب والكيمياء ومعاجم الاصطلاحات والتاريخ والجغرافيا والموسوعات الادبية ومعاجم اللهجة العامية والمختصرات والالفاظ.إن مما لا شك فيه إن هذه المجموعة تتضمن فوائد عديدة للمترجم المتنوع وصاحب الافاق الواسعة. اما المترجم المتخصص فلا يحتاج الى هذا الكم الهائل من المعاجم وقد يصدم بها المترجم المبتدئ حيث إن الادب لا يستغني عن المعاجم اللغوية ومعاجم الجمل والمفردات وحتى معاجم الموسوعات الادبية. اما في حالة الترجمة لكتب التاريخ القديم والحديث فيمكننا القيام بالبحث في اماكن غير متوقعة ابدا، في الكتب المساعدة والتعليمية القديمة التي لا يخطر ببال احد التنقيب في بطونها. قد يبدو ذلك غريبا ولكن على مستوى التجربة الشخصية فقد وجدت احد معاني الاسماء التاريخية لاحدى المدن في الوطن العربي في خارطة موجودة في مكتبة المتحف العراقي بعدما يئست من إن اجدها في القواميس المتوفرة في حينها تحت يدي.وما نستخلصه من هذه المقالة هو إن معجم المترادفات وكذلك معجم المتناظرات او
حياة شرارة وفن الترجمة
نشر في: 28 إبريل, 2010: 04:36 م