TOP

جريدة المدى > غير مصنف > انتحارالاديبات.. هل هو رفض للموت بالموت؟

انتحارالاديبات.. هل هو رفض للموت بالموت؟

نشر في: 28 إبريل, 2010: 04:41 م

سعد الدين خضرعندما تخبو جمرات الطموح ويتلاشي وهجها، وبعد أن تنطفيء شعلة الحياة، وتتحول جذوتها المتقدة في أعماق أعماق المبدع الي رماد... يكون آنئذٍ قد فقد الرغبة في استمرارهِ بالوجود... فيحركهُ دافعٌ خفي حاد تتكثف فيه حالات البؤس والخيبة واللامبالاة..
 عندئذٍ يصبح الموت هاجس الإنسان ومصيره، بل هدفه!!؟ وفرط الوعي، حالة نفسية وذهنية تُميّز الكثير من الأدباء والفنانين، وتطبع حياتهم وابداعهم... يصاحبها قلق الروح والحس المرهف، والتفرد، والاختلاف عن الآخرين، والتحسس المبكر للأشياء والأحداث والناس..!! حد الوجع الانفعالي والألم الخلاّق..!القلق، التوتر، الانفعال، سمات سايكولوجية للمبدع الذي غالباً ما يُناوش العبقرية.. والبعض يرى في بعض المبدعين مجانين..! والجنون فرط العبقرية في واحدة من حالاته أو مستوياته..!! ويحدث ــ أحياناً ــ أن ينفصل المبدع عن محيطهِ ومجتمعهِ، وينعزل بذاتهِ المتوهجة، ليمارس طقوس الخلق والابداع والتكوين.وفي حالات قليلة، وربما نادرة يقف المبدع عند حافات الموت..!! يحاوره ويتأمله مصيراً محتوماً لكل كائن حي.. حتي الذبابة والعشبة... وفي لحظات وجودية سامية... أو قد تكون لحظات عبثية مرجعيتها الضجر، واللاجدوي، يجيء الموت انتحاراً تغيبياً اختيارياً للذات، للإنسان الذي بدأ يضيق بوجودهِ وواقعهِ.. فيفصح به عن شجاعة نادرة، أو عن جبنٍ فريد، الموت انتحاراً برأي البعض ليس أكثر من خلاص وحيد محتوم ونهائي!!؟وفي التاريخ الثقافي العالمي، ثمة عدد كبير من المبدعين غابوا انتحاراً، منهم مثلاً أرنست هيمنغواي وفرجينيا وولف، ورامبو، وفوكو، وجينيه، وميشيما.. وغير هؤلاء.ومهما يكن من أمر، فإننا هنا لا نود الدخول في موضوعة فلسفة الانتحار..، وهل هو معصية أم بطولة..!!؟ وهل يحق للمرء أن يضع حداً لحياة لم يكن هو السبب فيها..!! أي أن الإنسان لم يخلق نفسه ولم يوجِدْ ذاته.. فعلامَ إذن يقتلها..!!؟ واستطراداً مع ذلك نشير الي ان الفيلسوف الدكتور عبد الرحمن بدوي سبق وأن أصدر كتاباً في الكويت بعنوان (الموت والعبقرية) ولاشك ان فلاسفة وكتابا غيره قد تناولوا هذه الظاهرة المميّزة، ظاهرة انتحار الأدباء، والانتحار ذاته، وتفيض المكتبات بكتب كثيرة في هذا الموضوع.وبالعودة الي عنوان هذه الموضوعة نقول أن تأريخ الأدب العربي الحديث يذكر العديد من الأديبات اللواتي قَضينَ انتحاراً.. وكانت حياتهن أمثولة لصراع مرير بين الذات والمجتمع... صراع بين قديم القيم والتقاليد التي تلتزمها الأسرة وبين جديد العصر من الأفكار والمذاهب والنظريات، صراع بين الموروث والتجديد، صراع بين كينونة المرأة وحريتها وطموحها نحو حياة جديدة وبين واقع المرأة ومكانتها في مجتمع ذكوري صارم يفرض عليها السكون والانكفاء.. والطاعة. ومن استقراء تاريخنا الثقافي القريب عثرنا على جملة أسماء لأديبات وضعنَ حداً لحياتهن بمحض ارادتهن أو بفعل قوة ضغط المجتمع.. ونذكر منهن:-الشاعرة المصرية (ناهد طه عبد البر) التي كانت تنشر قصائدها بتوقيع (ن. ط. ع) الحروف الأُوَلْ من اسمها الكامل.. ولم تستطع ان تتحمل آلامها النفسية ولا أن ترضخ لضغط التقاليد، ولم تقوَ على كسرها، أو ربما لم ترغب بذلك احتراماً لقيم العائلة، فوضعت حداً لحياتها عام 1950 وكانت ما تزال في الثلاثين من عمرها..!! وأوصت وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة بطبع ونشر ديوانها بعد موتها... ولم يفعل أحد ذلك!الروائية المصرية عنايات الزيّات: انتحرت حوالي عام 1968 بعد ان يئست من السماح لها بممارسة دورها كأديبة وكاتبة، وقد تم نشر روايتها (الحب والصمت) بعد موتها.الشاعرة اللبنانية آمال جنبلاط: أحبت الشاعر سعيد عقل حُباً أفلاطونياً عميقاً، اختلطت فيه العاطفة بالابداع... دام حبها لهُ أكثر من عشر سنوات، كانت عوائق كثيرة تقف في طريق اقترانها به، منها فارق السن، واختلاف المعتقد، والأحوال السياسية القلقة التي سادت لبنان منذ عام 1975 والحرب الأهلية..الخ ولكن الزواج حصل، ووقع ذلك في شهر نيسان من 1982، وبعد أقل من شهرين، أي في اواخر أيار ــ مايو 1982، انتحرت آمال جنبلاط بإطلاق رصاصة واحدة علي رأسها من مسدس صغير كانت تحمله دائماً في حقيبتها، في حين لم يكن سعيد عقل في البيت، كان غائباً عن المنزل الذي شهد الكارثة!! انتحرت الشاعرة يوم أدركت أن سعيد عقل الشاعر، غير سعيد عقل الزوج والرجل.. وان حساب البيدر عندها لم ينطبق على حساب الحقل، فكانت النهاية..!؟الشاعرة الجزائرية صفية كتو (1944 ــ 1989) كتبت صفية كتو نصوصاً شعرية ومسرحية بالفرنسية... ولها ديوان شعر بعنوان (صديقي القانون) صدر عام 1979 ومجموعة قصصية بعنوان (الكوكب البنفسجي) صدرت عام 1983، ومسرحية لم تستطع نشرها بعنوان (اسماء). كان انتحار صفية كتو محيّراً وغامضاً شأن معظم حالات الانتحار..!! ورغم نشاط هذه الشاعرة ومشاركاتها في الأحداث الثقافية والمؤتمرات الأدبية حتي في المشرق العربي، إلا أنها كانت علي ما يبدو، تعاني بصمت وكبرياء، حتي وضعت حداً لحياتها أواخر عام 1989. وكان الأديب السوري المعروف أحمد دوغان على صلة بها وصداقة تولدت عبر مشاركاتها الثقافية، حتي أنه أدخلها ضمن كتابه (الخطاب النسو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram