طالب عبد العزيز
تغادر المدينة على أمل معاينة مدينة أخرى، تخفف من عبء مللّك وضجرك، تأخذ حقيبتك مسافراً، تريد أن تحسن الظن بالحكومة، وأنت آخذ الطريق بين ساحة سعد ، مركز البصرة الى المطار، فتغضَّ الطرف عن عشرات المفاصل السيئة، التي تصادفك ، فلا تنعم النظر بالنفايات في الشارع، ولا تقول شيئاً عن حركة السير غير المنضبطة، ولا عن ضجيج باعة الطماطم والبصل والبطاطا وباعة الخردوات بأصواتهم المقرفة، لكنك، من حيث دخلت ستتوقف في الكراج، الذي منه ستأخذك السيارة الى المطار.
شركتان محليتان، تتناوبان على نقل المسافرين من الكراج من والى المطار، قديمة وأخرى جديدة. ولا أحد يعرف لماذا شركتان، القديمة تستوفي من المسافر وعلى جميع الخطوط مبلغ خمسة عشر ألف دينار، والثانية تستوفي عشرة آلاف دينار. وإذا سألت عن أصحاب الشركتين لا يفصح احدٌ عن اسم ما أو الجهة التي تقف وراءهما. تقول لاحدهم بأن لا احد يستوفي أجوراً في مطار بغداد، الأجرة تستقطع مع التذكرة، فيجيبك: ذاك في بغداد، أما هنا فالحكومة غير معنية ببغداد.
لكن تذكرة الطائرة على العراقية (بصرة- سليمانية-بصرة) هي 168 دولاراً، وهو مبلغ كبير، فتفاجئ بوجبة الرحلة التي هي نستلتان أم الربع وكيس فول سوداني(دك السبال) وعصير ابو الربع ايضاً) وابوك الله يرحمه، وهذه لا تساوي أكثر من 1000 دينار عراقي. فلا تعجب من ذلك، لأن حكومة البصرة غير مسيطرة على المطار ولا الكراج.
يقول السائق الذي سيكسر خاطرك حال ركوبك: بانه يتقاضى راتباً مقداره اربعمئة ألف دينار، ويعمل من الرابعة فجراً حتى منتصف الليل، ولكي يستعطفك راح يحدثك عن تكاليف إيجار البيت والزوجة والاطفال، لذا لا تجد بداً من مد يدك في جيبك وتساعده بما تجود به خمسة الاف أو عشرة، ذلك لأنه سيحمل الحقيبة عنك الى السونار العاطل لذا، وستقوم بفتح حقيبتك وتفتيشها يدوياً، ولما تأخذ مقعدك في الطائرة، ستجد أن نفايات المسافر الذي قبلك في محفظة تعليمات السفر، أكياس نساتل بالكاك ومحارم قذرة وبقايا اشياء لا تتذكرها.لكنك ستنسى ذلك كله في مطار السليمانية، فالمدينة جميلة والمطار جميل ولولا انتظارك قرب دائرة الأسايش قبل خروجك من المطار لكانت السليمانية أجمل وأجمل. .