TOP

جريدة المدى > غير مصنف > حياة شرارة.. الموت من أجل الحياة

حياة شرارة.. الموت من أجل الحياة

نشر في: 28 إبريل, 2010: 04:43 م

محمد الأحمدما بين متن الرواية ومقدمتها مدّ من العبير، وجسر من التوثيق، ونهج من التواصل. حيث ما فات أن ُيذكر في الرواية المكتوبة في العراق عن سوء حال الإنسان العراقي، قد ذكرتهُ المقدمة التي كتبت خارج أسوار العراق.
تلك الرواية الوثيقة بطبعتها الأولى صادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2000، فكتبت للرواية مقدمة (بلقيس شرارة) الشقيقة المغتربة في مدينة (كنكستن) الولايات المتحدة، و ألحقتها بملحق تعريفي ادرج فيه قائمة الكتب المؤلفة، والمقالات والكتب المترجمة المنشورة. كم هي بديعة سيرة الأديبة الأستاذة (د. حياة شرارة)، ولكن سيرة موتها هو الذي كان اكثر نبلا، ورقياً، واحتجاجا.. لانها رفضت الحياة، الخالية من الكرامة، (فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) وراحت تدون روايتها التي خير سيرة بطولة، ومسيرة تحد عظيم، ومكابد. كانت الرواية تبرر أسباب ذلك الانتحار الذي تكتم يومها الإعلام، محاولا أن يجعل من ذلك الاحتجاج البطولي أمرا غير ذي بال.. تسرد أحداث الرواية مشقة أستاذ جامعي في عشرة فصول.. ما بين بيته وفصله الدراسي، تحت نير الاستغلال، والثقل البالغ الذي حفر الظهر بنير أقسى من السياط، وسحق منه العظم.. أيام حصار جائر تقصد فيه الحاكم الدموي البشع (الصادم) أن ينال من كل شهادة علم هو لم يستطع أن ينلها (كونه لم يحصل حتى على الإعدادية).. فما كانت شهادة الأستاذ الجامعي هي إحدي أهدافه ليوجه إليه كل قسوته، بغية تفريغها من محتواها المنير في المجتمع، فقصدته في اللقمة والهواء، وقيدته بحثالة من الأراذل تراقبه، وراحت شرطته السرية تعدّ عليه الأنفاس. أينما يذهب تطل عليه تريد الاطلاع حتى على أحلامه التي بقيت غاية لا تدرك، فباع أغلى ما يملك، حتى الكتب وتشرد وراء ألف نجمة شاردة إلى وراء الشمس.. بقي المثقف ــ يقصده الراوي ممثلا بذاته.. عندما ألف الضياع الذي يلف بجيله من الأساتذة الجامعيين الشرفاء، بل شمل حتي الطلبة بكل أطيافها، وبدد الحرمات الجامعية، إذ تخللت درس العلم.. سوسة الرشوة الفاسدة، وصارت ديدناً يقوض كل المثل التي يحاول البطل الرواي المحافظة على عطرها الذكي في كل خطوة، متحديا كل ذلك الجبروت، ومنطلقا.. في بحثه ودرسه، يدون مسلة الانهيار، ولا يبالي بالمعاول التي ما أن يمر يوما حتى يجدها تحفر قدامه، وحوله تريد طمره.. (لم ينج منه أي مخلوق، حتى أولئك الذين كانوا أداته المباشرة في القول والتنفيذ، فقد كانوا اشد ذعرا من غيرهم فلأنهم يحيون بالقرب منه، ويمارسونه صباح مساء، وكانت آثاره الدبقة تلتصق بثيابهم، وتعبر عنها مشيتهم والتفاتاتهم المتجهمة القاسية اللامعة بالشر والتهديد، وهي أول ما يلاحظه المرء فيهم ــ ص 85 ــ الرواية)..فتارة يأتي فصل الطريق إلى الجامعة، حافلا، دقيقا، ومدونا لعلامات ذلك الزمن. وتارة أخرى محملا بالجدية في أروقة الجامعة، وممراتها.. حيث التدوين الدقيق هو وجه النضال واحد، فيبقى في كل زمان ومكان، وهو ضد التعسف في الرأي، وقمع الرأي الآخر بتجاهله، أو بتسفيهه، أو تأجليه إلى غير فاعليته.. والمبادئ دائما هي المسيرة النزيهة البعيدة عن الوصولية نحو تحقيق آمال الشعوب، والنضال هو إزاحة الخوف القديم المترسب الكامن استقرارا من جراء نهج متواتر بالبشاعة.فتطلب من الرواية أن تكون بفعل متواز يستند إلى ديمقراطية شجاعة مارستها الكاتبة (د. حياة شرارة) تعادل تكميم الأفواه، ويستند إلي بوح حقيقي من اجل عبور كل ما سنه ذلك العهد المخلوع.. و الإزاحة مارستها الرواية/ الراوي بحيوية بطلها المحوري، حيث بقي يحلم، ويحلم بحرية، بالتغير، وبتسنين الدستور الراسخ، والثابت الذي لا يستثني أحدا، ولا يقيم فرقا بين هذا، وذاك.. لا على أساس عرقي، أو اثني.. الكلّ متساو كأسنان المشط.. الكلّ مشمول في الحق الشرعي للمعتقد، وصراحة الرأي. و السيادة.. الكلّ يعمل من اجل العراق و إنسانه ابن اقدم الحضارات.. بالتأشير نفورا من كل السلبيات المقيتة.. كمخلفات الحقبة التي استطالت كل يوم بالف عام، ومسخت اقدس المفاهيم في الطموح نحو التحضر، والابتهاج، ونحو الارتفاع عن ما يقيد العقل، بأبشع السلاسل.. حيث تواصلت حملات في طمره، وفي نفيه داخل مكانه.. بكل همجية، فحرم المواطن العراقي من أية قائمة يكثر فيها المسموح، وكثر الكثير من قائمة الممنوع، الإزاحة الروائية تعني الفعل المعاكس للتمسيخ الذي كان متواصلا بغسيل الدماغ، والفعل المعاكس، هو إعادة الثقة الإدارية وفسح المجال أمام الطاقات الإبداعية في تحقيق الهوية العراقية الراسخة بأنها ابنة شرعية لأعرق الحضارات، و إن ابن الرافدين كان منذ أول ولادته متواصلاً بعطائه المتمدن رغم ما فرض عليه من ترييّف، وتزييف في أنظمته الإنسانية والتشريعية... وكما يذهب إليه الناقد فولفانغ آيزر (العمل الفني، كل من القيم لا ينضوي تحت البنية بل يشكل جوهرها، و كل المحاولات التي قصدت إلى إخراج القيم من الأدب، سوف تفشل لان القيمة هي جوهر الأدب. ولا يمكن فصل الدراسة الأدبية عن النقد الذي هو عبارة عن حكم تقويمي). فكانت أزمة المثقف شاخصة (اقترنت بالإذلال المعيب، الذي خلق خوفا مريعا فيَّ حالما سمعتُ به، وكأنما ظه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram