علي حسين
أهم القواعد التي تقوم عليها الدولة المحترمة - لا الدولة التي لايريد فيها المالكي والنجيفي وسليم الجبوري مغادرة كراسيّ - هي قاعدة محاسبة المسؤول إذا أخطأ ، وإذا تدهورت حالة الخدمات أتمنى أن تنتبهوا معي ، أقصد الخدمات وليس ضياع مدن بأكملها ونهب المئات من المليارات ، فإن الحكومة تقدم اعتذاراً موثقاً بالصوت والصورة ، ثم يذهب أعضاؤها إلى بيوتهم ، أما إذا اختفى طفل في ظروف غامضة فإن وزير الداخلية ومعه مسؤول الشرطة ، سيتلقون سيلاً جارفاً من الاتهامات بالتقصير تقضي على مستقبلهم الوظيفي ، أما إذا ظهر " بطاط " يهدد ويتلمظ على مواقع التواصل الاجتماعي دون أن يحاسبه أحد ، فإن كبار القادة الأمنيين سيقفون في طابور الاستقالة .
أما في العراق ، فإن ظهور البطاط ، وعودة علي الدباغ مستشاراً ، لا يعنيان شيئاً ، مجرد أخبار نسلي بها المواطن الذي يتابع بشغف حكاية المستشفيات التي بنتها عديلة حمود في الخيال .
في البيرو قبل يومين قرأنا خبر انتحار الرئيس السابق للبلاد آلان غارسيا، بعد أن أطلق النار على نفسه ، خلال عملية اعتقاله بتهمة التورط بملفات فساد، هل سكت القضاء وشعر بالندم لأن مسؤولاً كبيرا انتحر .. لا ياسادة ، فقد أمر قاضٍ بحبس الرئيس الاخر بيدرو بابلو كوتشينسكي ثلاث سنوات لاتهامه بقضية فساد مرتبطة بالرئيس الذي انتحر .
مع قضية الرئيس المنتحر ، والرئيس المسجون ، تذكّر أيها القارئ عدد قضايا الفساد في بلاد الرافدين التي وعدنا حيدر العبادي أن يفتحها ويحاسب مرتكبيها ، فيما مجلس مكافحة الفساد يعتقد أن مسؤوليته محاربة الفساد في الصومال وليس في مؤسسات الدولة العراقية .
أتمنى عليكم أيضا ألا تعتبروا رئيس البيرو المنتحر مجنوناً ساذجاً ، ولا تسخروا من " بطر " القاضي الذي سجن الرئيس الآخر ، ولا تتهموا المسؤول الذي ينتحر في اليابان لأنه قصر في واجبه ، بالجنون .
لو سألنا اليوم أي مواطن عراقي عن رأيه وهو يسمع ان القضاء يصدر أمراً باعتقال رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء فقد يموت قهرا أو ضحكا، لان هذا القضاء شاهد وسمع واثق البطاط يطالب بتحويل رأس ضابط في الشرطة الى منفظة سجاير ، دون ان يرف جفنا للمدعي العام ، أما لو سألت أي مسؤول عراقي عن رأيه لسارع على الفور باتهام القضاة بأنهم إما سذج أو مجانين، ففي العراق لا يستطيع البرلمان ان يستجوب وزيرا ينتمي الى ائتلاف " مقدس " ، فكيف يستطيع قاضٍ أن يحاسب رئيس وزراء سابق ، لأن القاعدة عندنا تقول إن المسؤول على حق والمخطئ هو الشعب .