علي حسين
الأخطر فى واقعة محاصرة قناة آسيا من قبل عشيرة السيد علي العلاق ليس أن أفراداً، ومعهم سياسي " مزمن " ، قرروا أن يكونوا هم الدولة وهم القانون، بل هو رد فعل الدولة متمثلة بجهاز الشرطة والمؤسسة القضائية على هذه الإزاحة المتعمدة للقانون .
والأخطر فى مهرجان الرمز "المقدس" علي العلاق، وقبله رموز ممنوع الاقتراب منها، ليس الاستهانة بالقانون، والتعدي على الإعلام، وإنما هو موقف الدولة من هذا الاستعراض العشائري وسط بغداد على مؤسسة إعلامية وجّهت نقداً لنائب سابق يتقاضى راتباً ضخماً، ويتولى عدد من أقاربه مناصب تنفيذية مهمة في الدولة منذ عام 2003 ، وحتى كتابة هذه السطور.
فى واقعة عشيرة علي العلاق، فقد كان هناك سؤال يطرحه المواطن باستمرار ، وهو يشاهد العلاق ضيفاً على معظم الفضائيات منذ 16 عاماً، سرّ العلاقة السحرية التي تربطه بمكتب رئيس الوزراء. كنتُ، أنا العبد الفقير لله، أظنّ أنها نتاج صداقة قديمة مع الجعفري والمالكي ومن بعدهم العبادي، إضافة إلى انتمائهم لحزب واحد، فنحن نراه في الحكومات الثلاث مدافعاً شرساً عن رئيس الوزراء، ما إن يخرج على إحدى الفضائيات حتى يبدأ "وصلة" الدفاع هذه، لكن حزب الدعوة ترك كرسي رئاسة الوزراء، فيما علي العلاق مايزال يحظى بلقب المقرّب جداً .
ومن فيديو تحويل الرؤوس الى منافض سجائر، الذي أداه ببراعة واثق البطاط، إلى فيديو عشيرة العلاق التي تعتبر الاقتراب من "رمزها" الذي اطلقت عليه لقب حزام العراق النائب السابق علي العلاق ، خطاً أحمر، يتكرر مشهد صمت أجهزة وزارة الداخلية أمام تجاوز القانون وإهانته فى وقائع جرت تحت بصر رجال الشرطة الذين اكتفوا بمحاولة تهدئة افراد العشيرة وهم يحاصر قناة آسيا ويتوعدون بسحق احد العاملين فيها ويطلقون الأهازيج، فيما كان أفراد من الشرطة يشاهدون الموقف ويمارسون دور الوسيط .
إن التعدي على مؤسسة قناة فضائية هنا ليس قضية تخص الإعلام فقط، بل هو فى المقام الأول تعدٍّ على القانون واستخفاف به، لذا حين يكون رد فعل المسؤولين عن حماية القانون والدفاع عنه ضد المتجاوزين هو " الطبطبة " ، فإنهم هنا يكونون مشاركين فى جريمة انتهاك القوانين والاعتداء على حقوق البشر، ويكونون رعاة للانفلات والفوضى، بدلاً من أن يكونوا حماة للقانون والمجتمع.
وطوال الوقت هناك أفراد أو مجموعات يعتبرون أنفسهم فوق القانون، أو هم القانون ذاته، ولذلك توصلت البشرية إلى اختراع اسمه أجهزة الأمن، التي تمنع المجتمع من التحول الى حالة الفوضى واللاقانون، وأعتقد أن السيد علي العلاق، وهو يحمل الجنسية الدنماركية ، لو قام بهذه الفعلة في الدنمارك ، لوجد نفسه وراء القضبان ، لكننا في العراق حيث السياسي مقدس والمواطن مهان.