علي حسين
عندما تُقسّم مؤسسات الدولة بين المذاهب، يخرج نائب يقول إن منصب وزير الدفاع "استحقاق سُني"، فيما تصر قوائم أخرى على أن وزارة الداخلية لن تخرج عن الشيعة، وعندما ننتظر أشهراً طوال لتعيين وزير للتربية لأن القوى السُنية لم تتفق على اسم بعد، فيما القوى الشيعية تتصارع للفوز في معركة مجالس المحافظات، فإنك عزيزي القارئ ستضرب كفاً بكفّ وتقول: ما هذا التخلف؟ نعم، لأننا نحوّل الدولة الى قبائل ومذاهب وعشائر. وعندما تصر عشيرة على أن تستخدم الصواريخ لحل نزاع مع عشيرة أخرى، فماذا تسمي ذلك؟ عندما تعطّل مؤسسات الدولة وتنتشر الرشوة والمحسوبية، وعندما يهان المواطن بسبب توقيع بسيط لموظف يقبض راتباً من الدولة، لكنه يعتقد أن الدولة أنشئت لخدمته؟ ماذا تسمي ذلك..هل هو ازدهار وتقدم؟ عندما يقف القضاء عاجزاً عن استرداد مئات المليارات نهبت في وضح النهار "والسرّاق" يعيشون في منطقة محصّنة أمنياً.. ماذا تسمي ذلك؟ عندما تدار الدولة بمنطق الأقارب والأحباب، وعندما يعتقد السياسي أن "جنابه" خط أحمر ومقدس، ما الوصف الذي تطلقه على ذلك؟ عندما يغيب مفهوم العدالة الاجتماعية، وتضيع الحقوق وتنتشر المحسوبية، ويتدهور التعليم، وعندما ينظر المسؤول الى الثقافة على أنها عمل من رجس الشيطان، فماذا يمكن أن تسمي ذلك؟
يكتب سمير أمين في تعريف التخلف بأنه :"الحالة التي لم يتحقق فيها الإدراك الكامل للتنمية في بلد ما، إما بسبب نقص الموارد أو استخدام الموارد المتاحة في غير مكانها." والحمد لله، فنحن بلد نملك موارد وضعتنا في مصاف الدول الغنية، إلا أنها استخدمت لمصلحة افراد وأحزاب، فيما التقارير الدولية تقول إن: نسبة البطالة تجاوزت الـ 40 بالمئة.. وفي كل عام نحن على قائمة الدول الأكثر فساداً في المجالين الإداري والمالي، وعلى رأس القائمة التي تضم الدول التي تفشل في تقديم الخدمات لمواطنيها.
هذه الايام انقسم الناس الى فريقين الاول يطالب باعدام هيفاء الامين ، والثاني يعتبرها بطلة لانها قالت الحقيقية .. بينما الحقيقة تقول اننا شركاء في هذا التخلف لاننا نسكت على السياسي الذي يلعب " الثلاث ورقات " ، ولاننا ايضا ساهمنا بانتخاب من اصر ان يصل الخراب الى كل مرافق الحياة في العراق . وع معركة الامين أثارت انتباهي خطبة السيد أحمد الصافي في كربلاء، وفيها يقول أن مشاكل العراق يقف وراءها الفيسبوك، لأنه حسب قوله، يهدد المنظومة الفكرية والثقافية للعراقيين.. أما غياب الكهرباء، الذي هلّت بشائره هذه الأيام، رغم كل الوعود الوردية التي اطلقتها الحكومة، وانعدام الضمان الصحي والفقر والبطالة وانتشار حالات الانتحار، فهي أمور تحلّ بالصبر وانتظار الآخرة، فنحن لسنا طلاب دنيا.. الدنيا وجدت لناهبي ثروات البلاد .