"الكمية" هي التسمية التي تطلق على مفردات البطاقة التموينية في محافظات جنوبي العراق ، ولجأ وكيل في حي الجمهورية في البصرة إلى اعتماد شخص يتولى الإخبار عن وصولها ، فيقوم بجولة على دراجته الهوائية مرددا "وصلت الكمية " ، وبعد أقل من ساعة يتجمهر سكان الحي مستعينين بالعربات بمختلف الأحجام والأنواع لتسلم الحصة الشهرية ، وهذا التقليد استمر لسنوات ، وكان يسير بشكل اعتيادي ، ولم يتعرض لهزات نتيجة اضطراب العلاقة بين الوكيل والأهالي ، لأن الأول كان حريصا وأمينا على أداء واجبه فاستحق الاحترام والتقدير وكذلك الإشادة بالأداء والتنظيم .
وكيل حي الجمهورية سيستغني عن خدمات صاحب الدراجة الهوائية ، وربما سيكلفه بمهمة إبلاغ أهالي الحي مطلع الشهر الثالث من العام المقبل بإطلاق نداء" طارت الكمية " ليس في الحي البصري فقط وإنما في كل مدن العراق ، النداء الجديد "طارت الكمية "سيكون إعلانا عن وصول المبالغ ، واثر ذلك سيتجمهر الأهالي أمام الوكيل وهذه المرة من دون "جر العرباين" للحصول على استحقاقاتهم المالية ، فتتحقق أول فائدة بالتخلي عن العربات ، والتخفيف من أعباء حمل الأثقال بالنسبة لكبار السن ، والفائدة الأهم أن القرار الحكومي باستبدال مفردات الكمية بالمبالغ ربما سيعيد نشاط الأسواق المركزية المعطلة منذ أكثر من تسع سنوات ، وإعادة الحياة لأم ستوري وغيرها من الدلالات لمزاولة عملهن بعد انقراضه .
أعلن وزير التجارة أن مخازن الوزارة تضم خزينا إستراتيجيا من المواد الغذائية يكفي لثلاثة أشهر مقبلة ، يمكن استخدامه بضخه في الأسواق لمواجهة احتمال ارتفاع الأسعار ، ولم يذكر معاليه استعداد وزارته لاستيراد مواد أخرى لتكون منافسا للتجار ، وهذا الإجراء هو الوحيد القادر على الوقوف ضد جشع التجار من "أصحاب النفوس الضعيفة" كما أعلن ذلك مسؤول حكومي كبير أثناء الدفاع عن قرار استبدال "الكمية" للفرد الواحد بمبلغ 15 ألف دينار .
مطلع عقد ستينات القرن الماضي ويوم كانت العملة المعدنية ذات الأربعة فلوس متداولة في السوق ولها قوة شرائية بإمكانها أن توفر لك شخاطة وثلاث سجائر من نوع غازي ، حصل ارتفاع في سعر السكر ، قوبل بتذمر شعبي واسع ، وإثر ذلك اتصل الزعيم عبد الكريم قاسم بأكبر مسؤول في جمهورية كوبا ، فأمر الأخير باخرتين كانتا متوجهتين إلى أوروبا بتغيير مسارهما والذهاب إلى الموانئ العراقية ، وبعد أسبوع وصل السكر، عندما قررت الحكومة وقتذاك أن تنافس التجار ، فأدى ذلك إلى خفض السعر ، فأحبط الزعيم الراحل مخطط التجار ، وسط ارتياح شعبي للخطة السريعة في الحد من إضافة ثلاثة فلوس على سعر الكيلو الواحد من مادة السكر .
تجار ذلك الزمن كانوا يتطلعون إلى ربح بإضافة ثلاثة فلوس للكيلو الواحد ،بحسابات السنوات السابقة ، والقرار الحكومي وقف إلى جانب الإرادة والرغبة الشعبية والشريحة الواسعة من المجتمع في رفض إضافة فلس واحد على سعر الكيلو الواحد من السكر أو "كلة القند " بمعنى أن المسؤول اتخذ قرارا لصالح شعبه بإجراء عاجل وفوري ، قبل أن يعرف العراقيون نظام البطاقة التموينية "الكمية " .
طارت الكمية
[post-views]
نشر في: 10 نوفمبر, 2012: 08:00 م
جميع التعليقات 1
Ankido
الغاء البطاقة التموينية ما هو الا فلم على شاكلة فلم أبو طبر لالهاء الناس عن فضيحة الفساد التي رافقت صفقة السلاح الروسي والتي اطاحت برأس وزير الدفاع ورئيس الاركان الروسيين. حزب البعث الفاشي وحزب الدعوة وجهان لعملة واحدة الا وهي الفساد.