TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: "حراميــة" الشـــــهادات

العمود الثامن: "حراميــة" الشـــــهادات

نشر في: 12 مايو, 2019: 12:00 ص

 علي حسين

نضحك على أنفسنا، يضحكون علينا، نشاهد أحداثاً عشناها من قبل، شاركنا في تفاصيلها، انفعلنا بها، سكبنا أنهاراً من الحبر حولها، وفجأة تعرض علينا من جديد، فنتعامل معها كأننا نراها للمرة الأولى، وكأن هناك اتفاقاً غير معلن بيننا جميعاً على أن نشارك في مسرحية نحن جمهورها وممثلوها. ولم تنته المشاهد المثيرة التي قام بإعدادها قبل سنوات صاحب "صخرة بغداد" ، حتى أعدت لنا جهات سياسية وحكومية مشاهد مسرحية جديدة. ففي إحصائية مثيرة أجراها أحد الزملاء اكتشف أن أكثر من نصف المسؤولين والنواب حصلوا على شهادات عليا أثناء فترة الجلوس على كرسي المنصب او عضوية البرلمان. وأضاف الصديق الذي أثق بدقة معلوماته، أن ثلاث دورات للبرلمان والحكومة أنتجت المئات من أصحاب الشهادات العليا، بل ذهب الغرام بالبعض منهم أن حصلوا على شهادات عليا باختصاصات لاعلاقة لها بما درسوه في الجامعة، فنجد أحد الوزراء يتحول من طبيب إلى ماجستير في العلوم السياسية، وآخر من روزخون إلى دكتوراه في علوم الاتصالات، وثالث يسجل رقماً قياسياً في شهادات التخرج فيحصل على بكالوريوس في الهندسة، وماجستير في علم النفس ودكتوراه في العلاقات الدولية.. أما عن بطل فضيحة "جهاز كشف الزاهي" فقد اكتشفنا أنه حصل على الدكتوراه في القانون، في الوقت الذي عشنا معه مهزلة أمنية لم تشهدها بلاد مثل الصومال!
لا أجد تفسيراً واحداً إلا أن ما يجري هو عبث من نوع خاص، عبث لا يختلف كثيراً عن تصريحات النائب حمد الموسوي الذي يطالب بفتح ملفات الفساد، وأن يتولى "سيادته" رئاسة هيئة النزاهة!
والأخطر من هذا أن يرفع البعض شعار"دعهم يمرّون" لترسيخ قواعد زواج الفساد بالمنصب الحكومي، ولينال المزوّرون التكريم والحماية، وليستعد الناس المساكين لظهور سياسي آخر يطالب بتأمين تشريعات تحمي الفاسدين في المرحلة المقبلة، وإقرار قانون يكفل البقاء للأفسد، والوقوف بصلابة ضد المغرضين من الذين يرفعون شعار المواطنة والكفاءة والنزاهة، لأنها شعارات أثبتت زيفها، فهي تريد الالتفاف على صوت الجماهير التي ما تزال تنتظر طلّة وزير آخر يحمل دكتوراه في الضحك على الشعوب..!
لا حدود في جمهوريات الطوائف لأي شيء سوى المصالح الضيقة، لأن المصالح العليا هي المواطن العراقي الذي يجب أن يشعر بالأمان والكرامة والحرية والعدالة قبل الائتلافات والتحزبات الطائفية.
المواطن هو الأمن والمستقبل في الدول الديمقراطية.. حيث لا يتعلم الشعب الديمقراطية ولا الوطنية من تجمعات طائفية ."
إذا لم يدرك ساسة العراق في هذه اللحظة أن مصلحة البلاد ليست فى كيان طائفي أو فى تمكين أشخاص معينين من التحكم بشؤون العباد.. فإن "نهب الشهادات " لن ينتهى أبداً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram