علي حسين
بعد شهر وعدة ايام، ستكون قد مرت ثلاث سنوات بالتمام والكمال على فاجعة الكرادة، ولأنني مثل ملايين العراقيين، كنت أعرف جيداً أن وزارة الداخلية ستضع ملف الكرادة، في أحد الأدراج، مثلما وضعت من قبل ملفّات جسر الأئمة وتفجيرات بغداد الجديدة وجريمة سبايكر ومئات الملفات. وأعرف جيداً أن كل أعضاء اللجنة التي حققت في جريمة الكرادة، ذهبوا مطمئنين إلى النوم العميق، بعد أن أوهموا العراقيين بأن الحكومة اقتصّت من المجرمين.لا شيء تغير ، إلّا مأساة أهالي الضحايا ازدادت هولاً وضخامة وفجيعة. . ولهذا، ومثل أي مواطن يعرف أن الداخلية مشغولة بالحملات الأيمانية ضد الكافر " البرمودا " ، وأنها تريد أن تهدي هذا الشعب الى الطريق المستقيم، ضربت كفاً بكف وأنا أتابع قضية اعتقال رجل الدين في البصرة، وقبل أن يتهمني البعض بعدم احترام حقوق الإنسان، ويفسر الموضوع باتجاهات أخرى، فإنني ضد الإساءة لأي مواطن، ومع أن يكون القانون هو الحكم بين العراقيين جميعاً، لكنّي أتمنى أن تجيبني وزارة الداخلية على سؤال يحيرني: كم لجنة وزارية شكلتها بسبب تعرض مواطنين لإهانات موثقة بالصوت والصورة من قبل الأجهزة الأمنية، ولماذا ثارت ثائرة الوزارة في هذه القضية بالذات ، وقرر وكيلها الأقدم عقيل الخزعلي أن يشكل لجنة وزارية تذرف الدموع على حقوق الإنسان التي أهدرت . إنه نوع آخر من السخرية من العراقين، غير أن اللافت فى هذه "المناحة" المنصوبة حزناً على حقوق الإنسان أن السادة النائحين يتصرفون وكأنهم لم يسمعوا او يشاهدوا الفيديو الذي قرر فيه واثق البطاط تحويل جمجمة مواطن الى منفضة سجائر
سيقول قارئ عزيز يارجل أنت تهرّف بما لاتعرف، تترك مشاكل البلاد، وتصر على تذكيرنا بواثق البطاط، في الوقت الذي لا يخلو بيت فى العراق من حوار محتدم حول: هل يحق للممثل أن يظهر صدره عارياً على شاشة التلفزيون؟ ولم يعد أحد من السياسيين يشك للحظة فى أن الدراما خربت ما بناه "ساستنا" خلال الست عشرة سنة الماضية، وأن المنجزات العظيمة التي تحققت على يد ابراهيم الجعفري، وازدهرت في عصور المالكي، لا تجد للأسف كاتب درامي "وطني" يوثقها ويقدمها بصورة درامية .
الدموع الساخنة التى تسيل هذه الأيام حزناً وشفقة على الأخلاق والقيم، لاتختلف عن دموع وزارة الداخلية التي سالت من أجل حقوق الإنسان، للأسف كلها دموع صناعية مثل تلك التى يستخدمها الممثلون عديمو الموهبة، خصوصاً دموع ابراهيم الجعفري التى ذرفها ذات يوم تحت قبة البرلمان من أجل حرية البحرين، في الوقت الذي ادار فيه ظهره لاطفال الموصل وهم يفترشون المخيمات ، انها الدراما التي لايريد احد ان يكتبها للاسف.