علي حسين
في محاولة لتعليم نفسي وتدريبها على الموضوعية، وحتى لا يقال إنني أتصيد أخطاء السياسيين، وأسعى لتضخيم هفواتهم البسيطة، وإن تقلبات الزعيمة حنان الفتلاوي بين الخنجر واللا خنجر، وضعت على عيني غشاوة جعلتني أرى كل شيء أسود في أسود، بينما الواقع يقول عكس ذلك. فالبلاد تعيش أزهى عصورها، وقادتنا استطاعوا، بفضل إخلاصهم وخبرات مستشاريهم، أن ينقلوا العراق الذي كان يعيش على هامش التاريخ ، ليصبح اليوم واحداً من أفضل البلدان. فالمؤرخ المنصف سيكتب حتماً أن هذه البلاد لم تكن فيها سوى المستنقعات والفقر، ولكن حكامها المخلصين استطاعوا، وفي وقت لا يتجاوز الخمسة عشر عاماً من العمل المخلص الدؤوب، أن يبنوا بلداً للناس، وليس لأقاربهم ومقرّبيهم، وحين واتتهم الفرصة بنوا المعامل والمدارس وطلبوا من الناس أن تعمل وتدرس، لا أن تهتف لهم بطول البقاء على الكرسي .
من هذا البلد المفرط في الأمل والسعادة، كنت قد وجهت التحية إلى النائب حسن السنيد، الذي قرر قبل ستة أعوام اعتزال السياسة والتفرغ لمشروعه الشعري، في وقتها قال لنا السنيد: "لقد أرهقتني السياسة وتداعياتها ". في ذلك الوقت طرت من الفرح، فأن يقول نائب ومقرب من رئيس الوزراء آنذاك "يا جماعة تعبت أريد ارتاح"، فعلينا ان نصفق له. وكنت أتمنى، والتمني بضاعة المفلسين من أمثالي، أن يبادر جميع ساستنا الأفاضل ويعلنوا الاستراحة لترتاح الناس من معاركهم وخطبهم وافتعالهم للأزمات، فالناس بأمسّ الحاجة لالتقاط الأنفاس، بعيداً عن الصراعات التي تحولت إلى فصول كوميدية لا يريد لها البعض أن تنتهي.
لكن ماذا نفعل مع الدولة التي هي في أمسّ الحاجة الى خبرات السيد حسن السنيد صاحب نظرية: "المواطن هو السبب في الفشل الأمني"، والتي زاد عليها "حفظه الله" مفهوماً ستراتيجياً خلاصته: "أن على المواطن أن يحافظ على نفسه بنفسه"، كان الرجل آنذاك يريد أن يطبق نظرية "اخدم نفسك بنفسك"على الوضع الأمني في العراق .ولهذا جاء الوقت الذي علينا جميعاً أن نقدّم الاعتذار عن ظلمٍ مارسناه ضد حسن السنيد، وكان لابد أن يصدر قرار جمهوري بتعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية ، وممثلاً لرئاسة الجمهورية تحت قبة البرلمان العتيد.
في بلدان "الكفار" يؤدي المستشارون أدواراً أساسية في تحديد سياسة الدولة، فالرئيس ومعه رئيسا الوزراء والبرلمان والوزراء يصغون الى مستشاريهم، حتى أن الخطط والسياسات ترتبط باسماء المستشارين من أمثال ريجيس دوبريه، وهنري كسينجر، وجاك اتالي، وفوكوياما، الذين يقدمون خبراتهم لخدمة الدولة، وكان ديغول يستشير أندريه مالرو وفرانسو مورياك وبول فاليري، ولهذا أنا أشعر بالخيبة كلما دخل مستشار من عينة حسن السنيد الى قصر السلام في بغداد ! .