TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: نكتفي بهذا القدر من المستشارين

العمود الثامن: نكتفي بهذا القدر من المستشارين

نشر في: 18 مايو, 2019: 12:00 ص

 علي حسين

في محاولة لتعليم نفسي وتدريبها على الموضوعية، وحتى لا يقال إنني أتصيد أخطاء السياسيين، وأسعى لتضخيم هفواتهم البسيطة، وإن تقلبات الزعيمة حنان الفتلاوي بين الخنجر واللا خنجر، وضعت على عيني غشاوة جعلتني أرى كل شيء أسود في أسود، بينما الواقع يقول عكس ذلك. فالبلاد تعيش أزهى عصورها، وقادتنا استطاعوا، بفضل إخلاصهم وخبرات مستشاريهم، أن ينقلوا العراق الذي كان يعيش على هامش التاريخ ، ليصبح اليوم واحداً من أفضل البلدان. فالمؤرخ المنصف سيكتب حتماً أن هذه البلاد لم تكن فيها سوى المستنقعات والفقر، ولكن حكامها المخلصين استطاعوا، وفي وقت لا يتجاوز الخمسة عشر عاماً من العمل المخلص الدؤوب، أن يبنوا بلداً للناس، وليس لأقاربهم ومقرّبيهم، وحين واتتهم الفرصة بنوا المعامل والمدارس وطلبوا من الناس أن تعمل وتدرس، لا أن تهتف لهم بطول البقاء على الكرسي .
من هذا البلد المفرط في الأمل والسعادة، كنت قد وجهت التحية إلى النائب حسن السنيد، الذي قرر قبل ستة أعوام اعتزال السياسة والتفرغ لمشروعه الشعري، في وقتها قال لنا السنيد: "لقد أرهقتني السياسة وتداعياتها ". في ذلك الوقت طرت من الفرح، فأن يقول نائب ومقرب من رئيس الوزراء آنذاك "يا جماعة تعبت أريد ارتاح"، فعلينا ان نصفق له. وكنت أتمنى، والتمني بضاعة المفلسين من أمثالي، أن يبادر جميع ساستنا الأفاضل ويعلنوا الاستراحة لترتاح الناس من معاركهم وخطبهم وافتعالهم للأزمات، فالناس بأمسّ الحاجة لالتقاط الأنفاس، بعيداً عن الصراعات التي تحولت إلى فصول كوميدية لا يريد لها البعض أن تنتهي.
لكن ماذا نفعل مع الدولة التي هي في أمسّ الحاجة الى خبرات السيد حسن السنيد صاحب نظرية: "المواطن هو السبب في الفشل الأمني"، والتي زاد عليها "حفظه الله" مفهوماً ستراتيجياً خلاصته: "أن على المواطن أن يحافظ على نفسه بنفسه"، كان الرجل آنذاك يريد أن يطبق نظرية "اخدم نفسك بنفسك"على الوضع الأمني في العراق .ولهذا جاء الوقت الذي علينا جميعاً أن نقدّم الاعتذار عن ظلمٍ مارسناه ضد حسن السنيد، وكان لابد أن يصدر قرار جمهوري بتعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية ، وممثلاً لرئاسة الجمهورية تحت قبة البرلمان العتيد.
في بلدان "الكفار" يؤدي المستشارون أدواراً أساسية في تحديد سياسة الدولة، فالرئيس ومعه رئيسا الوزراء والبرلمان والوزراء يصغون الى مستشاريهم، حتى أن الخطط والسياسات ترتبط باسماء المستشارين من أمثال ريجيس دوبريه، وهنري كسينجر، وجاك اتالي، وفوكوياما، الذين يقدمون خبراتهم لخدمة الدولة، وكان ديغول يستشير أندريه مالرو وفرانسو مورياك وبول فاليري، ولهذا أنا أشعر بالخيبة كلما دخل مستشار من عينة حسن السنيد الى قصر السلام في بغداد ! .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram