إياد الصالحي
أكثر ما يدمّر العلاقات ويُحدث شرخاً في الثقة، ويعيد قراءة أوراق المستقبل بتمعّن هو الشحن العاطفي المتهوّر إن كان كسلوك مواطن في بيته أم كمنهج وظيفي له لن يحصد منه غير مزيد من الخسائر لنفسه وللآخرين نتيجة طغيان الرعونة على الحكمة والانفعال على الاعتدال!
هذا ما يمرُّ به بعض المحسوبين على الكرة العراقية منذ زمن طويل، إداريين ومدربين ولاعبين وإعلاميين ومتابعين ولجوا من مواقع الكترونية ليكون لهم نصيب من التأثير السلبي عند مريديهم ومن ينسجوا على منوالهم عملاً بالمثل الشائع (وافق شنَ طبقة) ! .
لم يهدأ البعض ويطفىء نيران الثبور منذ يومين من إعلان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم تأجيل مباراة النصر السعودي وذوب آهن أصفهان الإيراني من ملعب كربلاء الدولي (الأرض المفترضة للأخير) إلى ملعب ثانٍ يُحدّد لاحقاً لاسباب أفصح عنها مصدر قريب من اتحاد الكرة العراقي "إن التأجيل جاء بطلبنا استجابة لتوجيه من جهة مسؤولة عليا" وعبّر الغاضبون من هذا القرار عن خيبة أملهم كونه يثلم من سمعة الملاعب العراقية التي تترقب رفعاً كلياً للحظر الدولي المفروض من ثلاثة عقود دون أن يتمعّنوا بمكنون القرار وأبعاده الآنية والمستقبلية.
فنياً، لا شكَّ أن فريق النصر يقاتل من أجل تحقيق الفوز على ذوب آهن الذي يتفوّق بفارق نقطتين (11- 9)، وهي الجولة الختامية لدور المجموعات في مسابقة أبطال آسيا ولا مجال للتعويض في المجموعة التي غادرها فريقا الزوراء والوصل الإماراتي بنيلهما ( 5و3) نقاط على التوالي قبل لقاء جولة الختام أمس الثلاثاء في ملعب زعبيل والذي جرى في وقت متأخر.
وليس غائباً عن الجميع، أن الاحتراز الأمني هنا وجوبي ليس في ملعب كربلاء وحده، بل في جميع ملاعب العالم التي شهدت تدخلاً من الاتحاد الدولي للعبة وبقية الاتحادات القارية لنقل مباريات مهمة من دول تنعم بالاستقرار الأمني التام إلى ملاعب أخرى لعدم ملاءمة الأجواء المصاحبة للمباراة أو وجود مماحكات إعلامية تشدّ الجماهير سلبياً وربما تدفع ضعاف النفوس لاستغلال الحدث وارتكاب حماقة لا تحمد عقباها!
ملعب كربلاء ومثيلاه البصرة وأربيل من أهم الملاعب في آسيا والعالم مؤمّنة ومحصّنة من أي خرق بسبب الجهود التي يبذلها رجال حفظ أمن الملاعب وتعاون وزارتي الدفاع والداخلية في فرض خطط صارمة تمنع تسلّل الطارئين ليعبثوا بأمان الفرق الزائرة والجماهير، أما وزارة الشباب والرياضة ومعها اتحاد كرة القدم فهما حريصان على إنجاح أية مباراة مهما كانت طبيعتها التنافسية طالما أنهما تعهّدا الى الاتحادين (الفيفا والآسيوي) بتطبيق شروط السلامة مشفوعاً بخطاب حكومي يقدم الاسناد الكامل لكل ما يتعلّق بالمباراة الرسمية داخل الملعب وخارجه.
إن تسييس كرة القدم كحالة استثنائية أمر لابد منه لحماية اللعبة نفسها، والاتحاد الدولي يؤكد في عديد بياناته المتعلّقة بأزمات التدخّل الحكومي في الاتحادات الوطنية إن استقلالية مؤسسات كرة القدم وحُرمة انظمها من الانتهاك لا تعني استغنائها عن إمكانات الحكومة للتدخل لوجستياً وإنقاذها من خطر محتمل، لذلك جاء اتصال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز برئيس الحكومة عادل عبدالمهدي حول الغرض ذاته حرصاً من الطرفين على إبعاد لقاء رياضي صِرف ومثير جماهيرياً عن إرهاصات المنطقة، ولا دخل للعراق إلا لكونه مضيّف للمباراة، وهو توجّه رسمي حكيم ينأى بالشباب العراقي والسعودي والإيراني عن التأثّر السلبي إذا ما أندسَّ مغرضون بين المدرجات ليأجّجوا مشاعر الاستياء والنرفزة ويجعلوا التماس بين اللاعبين مكهرباً.
عتبنا على بعض الإعلاميين السعوديين الذين دسّوا مصطلح (لأسباب أمنية) في سطور خبر تأجيل المباراة! عليهم ألاّ يغفلوا بأن أمن ملاعبنا "خط أحمر" ويكتبوا كما تمليه مبادىء المهنة بوصف حقيقة الإجراء "بناء على التنسيق الرسمي المشترك" والسعوديون يعلمون قبل غيرهم كيف هلّلتْ الجماهير العراقية بقدوم "الأخضر" الى البصرة يوم الأربعاء 28 شباط2018 واستشعروا بنعمة الأمن وسط مشجّعين محبين لأحد فرسان الكرة الخليجية زاد عددهم عن 60 ألف، وبالتالي فالدور الإعلامي السعودي مسؤول في مساندة قضية الملاعب العراقية والعمل على مساندتها برسائل إعلامية إيجابية كموقف قيادته الرياضية التي هشّمت الحظر الدولي بمعول الثقة.