إياد الصالحي
مع قرب الجولة الحادية عشرة في الثاني من حزيران المقبل، يكون دوري الكرة الممتاز قد دخل مرحلة عصيبة في صراع فرق القمة لتأكيد جدارة الاستئثار باللقب، وفرق القاع للهروب من الترحيل الى مستوى المظاليم في سيناريو مُريب كبقية المواسم لن يكون الحكام فيه بعيدين عن دائرة الشك والاتهام كلما احتدّت المنافسة وزادت الضغوط وكثرتْ الأخطاء.
وستكون لجنة الحكام المركزية برئاسة صباح قاسم في اصعب التحدّيات منذ تسنّمها المهمة في الخامس من أيلول عام2018، وأعضاء لجنته يدركون ذلك تماهياً مع التجارب الماضية لهم سواء في حقبة التسعينات أم التي تلتها ما بعد عام 2003، فغالباً ما توجّه الانظار إلى الحكام في النصف الثاني من مرحلة إياب دوري الكرة لترجيح كفّة فرق والإطاحة بفرق أخرى وفقاً كما يروّج البعض حسب قناعات الربح والخسارة وتباين ثقافات رؤساء الأندية ومدربي فرقها ولاعبيها.
ثمّة حقيقة لابد من التنويه عنها أن تقارب الصراع بين فرق المقدّمة خاصة الشرطة والقوة الجوية ونوعاً ما الكرخ كونه يحتفظ بـ 53 نقطة قابلة للزيادة في المباريات العشر المتبقية، سيحفّز الفرق الأخرى التي خسرت حظوظها بفارق النقاط وعدد مرات الهزيمة لمضاعفة جهودها والمشاكسة من أجل إثارة واستفزاز فرق المقدمة ومحاولة إيقاعها في كمائن محبطة ومعرقلة لمشوارها نحو اللقب، وبالتالي سيلقي هذا التوجّه (الماكر) بظلاله على حكم المباراة ليُظهر مدى تمالكه النفسي بعدم انفعاله أو اهتزازه، ويفرض شخصيته الصارمة أو يسلّم قراراته لمصلحة المحتجّين والغاضبين ويفقد سيطرته تماماً.
إزاء ظرف كهذا، لا نبالغ بوصفه بالخطير في ظل الهجمات الإعلامية والجماهيرية التي نكأت جراح الدوري ونزعت الثقة عن حكام لا ترى في إدارتهم للمباريات أية عدالة، فإن لجنتهم مدعوة لتشكيل غرفة طوارئ تأخذ بنظر الحسبان كل مخاوف المراقبين وتحليل المتخصّصين وانتقادات الإعلاميين الموضوعيين على محامل المسؤولية، وتضع خطّة استثنائية تحصر فيها عوامل إنجاح الطواقم التحكيمية لمباريات ترى من الأهمية أن تحتاط لها لئلا تتسبّب في انهيار جهود الموسم.
لا بأس أن تُقدِم لجنة الحكام على دعوة حكام الصفوة ممن حصلوا على درجات تقييم عالية في المباريات الثماني والعشرين السابقة إلى اجتماع تشاوري يؤهّل الحكم لما تبقّى من التزامات الدوري وينبّهه الى ضرورات التعامل بحدّة مع مثيري الشغب داخل المستطيل الأخضر وعلى دكة الاحتياط واتخاذ القرارات الحازمة وعدم التهاون مع أي تصرّف مبكّر يروم استفزازه وتأليب الجمهور ضده، وتزيل ذرّة الشك في حياده.
ومع إيماننا المطلق بنزاهة حكام دوري الكرة العراقي وحرصهم على سمعتهم وسعيهم لإضافة مزيد من الدرجات الجيدة في تقاريرهم المهنية، فإن لجنة الحكام مُطلعة على ظروفهم وتبذل جهوداً كبيرة من أجل تأمين مستحقاتهم المالية عن الأدوار الماضية، وبرغم ذلك فالاحتراز واجب عند تعيين طواقم مباريات الفرق القابعة في أواخر الترتيب لقطع دابر محاولات اصحاب النفوس الضعيفة التأثير على الحكم أملاً بإنقاذ فرقها من الانزلاق المحتوم الى دوري المظاليم بعد أن تكاسلتْ وتجرّعتْ مرارات الهزائم واستقبلت شباكها أكثر من ثلاثين وأربعين هدفاً ومن المتوقع أن يتخطّى العدد الستين!
ولا يُعفى مجلس إدارة اتحاد كرة القدم من أداء واجبه تجاه لجنة الحكام بالتنسيق مع لجنة المسابقات كون الأمتار الأخيرة من الموسم تستلزم مضاعفة جهود الجميع لمراقبة أية خروق مهملة، وتدعيم مطالب الحكام المشروعة، والاستجابة لتشكّي بعض الفرق من أخطاء حكم ربما يحتاج بالفعل الى تقويم، ومراعاة عدم تأجيل مباريات قد تسبّب ضرراً لاحقاً عند حسم مصير فرق في أواخر الترتيب، فالتوقيتات تبقى سارية على الجميع، ونتمنى أن يفلح الحكام في إنهاء موسم 2018-2019 بعلامات كاملة تزيد من ثقة أسرة اللعبة بهم وتحفّزهم على تطوير مستوياتهم لبلوغ البطولات الدولية الكبيرة، فحكام العالم العُظماء ولِدوا من أرحام دوريات فقيرة ولم ييأسوا من الأحلام المستحيلة.