TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > جيفارا رجل عادي .. لكنه مجنون بالثورة والحب

جيفارا رجل عادي .. لكنه مجنون بالثورة والحب

نشر في: 1 مايو, 2010: 04:30 م

علي عبدالسادةلو كان السؤال عن اهم ما في كتاب "أحلامي لا تعرف حدودا" للمؤلفين "هـ.أ.غروس" و"ك.ب.فولف" لكانت الإجابة على الفور: معرفة كيف تحول صبي يلقبه ذووه بـ"تي تي" الى رمز للثورة ومجابهة الطغيان في العالم. بل إن ذكر اسم جيفارا، مجردا، يوفر، حتى اليوم، شحنة عاطفية هائلة من الحماس والاغتراب في آن واحد.
هذه سيرة ذاتية اخرى عن أرنست تشي جيفارا، ورغم انتقالها بين محطات تاريخية من عمر الثائر الارجنتيني – الحالم أول الأمر بوحدة لاتينية – فأن المؤلفين حاولا، كثيرا إظهار قاسم يجمع تلك السنوات المتتابعة، انه ذلك السخط، الذي لم يعرف الخذلان، على ظواهر الظلم في العالم.هكذا يدخل غروس وفولف مباشرة في ثيمة عملهما المتقن عن سيرة جيفارا، ولا يخرجان عنها مع انتقال الرواية بين عوالم سرد مختلفة تارة، وجعلا جيفارا يبدو في أحايين غير قليلة رجلا متناقضا، بل لنقل رجلا عاديا، لكنه يحلم بالتغيير.يتخرج جيفارا في كلية الطب في بوينس أيريس ويجد نفسه، بعد ان انهى الامتحانات النهائية، طبيبا. وفكر في ان يبدأ بصياغة دوره في هذا العالم. لكنه بحاجة الى دافع، بل الى حافز..في حانة ما "يلتصق جيفارا بصديقه كاليكا" وهناك يقترفان المتعة مع شرب النبيذ، وكان الامر مسليا بالنسبة لارنست سوى انه اكتشف، لاحقا، أفتراقه، فكريا، عن شريكه الجديد.دور كاليكا في مطلع الرواية مهم للغاية، فهو نقيض ارنستو، ما يعني ان الحوارات التي ستجمعهما مليئة بالاستفزاز، على الاقل من ناحية ارنستو:"اتعرف يا ارنستو.. اول عمل ساقوم به هو تجميع الثورة .. البناء في فنزويلا يفوق الوصف، الناطحات تحيط بكاراكاس، سنبني حتى لو انتهت الارض، سنهدم تلك البيوت الحقيرة".كاليكا مهندس يحلم بالتحول الى شخص ثري يجمع الاموال راكبا ثورة البناء في بعض المدن اللاتينية، لكن ارنستو يرى غير ذلك ويلمح الى شخص يحلم بثورة من نوع اخر:"ما عسانا نفعل بأولئك الذين يعيشون في هذه البيوت الصغيرة؟ أيذهبون معكم لبناء هذه الناطحات؟ وهل سيعيشون فيها أيضا؟".rnصورة جيفارايبدو هذا الكتاب فرصة ذهبية لاضفاء لخلق تواصل فريد مع جيفارا، وهنا لابد من القاء عين لامة على طبيعة التأثر بشخصيته، أذ لم تكن سيرته سوى محض مقولات ثورية مشحونة بالحماس يجري بذلها في أفاق تعبوية في مراحل تاريخية معينة، لم يكن هذا التواصل مقرونا بضوء وفير على حياة هذا الرجل، لطالما كان جيفارا، بالنسبة لاجيال نشات في فترات لاحقة من اعدامه مجرد صورة شهيرة تزين قمصان الفتيان. الامر بهذا القدر، او ربما أقل، كان على هذه الشاكلة التواصل المعاصر مع جيفارا.. وهذا تحريض علني للاتيان بما سطره غروس وفولف في كتابهما الذي نشرته دار الفارابي ونقله الى العربية نبيل الخطيب.بيد ان هذا الكتاب يتميز من ناحية اخرى بكونه يوفر مجموعة من الصور عن "تشي"؛ المؤلفان تعمدا الخروج عن اطارين بذلا في شان حياة جيفارا، مرة يظهر قائدا ثوريا ورجل دولة، ومرة يظهر على انه راديكالي متهور، هذا الكتاب يجمع الصور جميعها ويترك لنا تجميع حياة جيفارا في انسان، هذه الطريقة تبدو أقرب الى الواقع، فكل منا فرد بمجموعة صور وانطباعات.وكانت صورة تشي تتغير من عقلاني فوق العادة، متناقض، ثوري حالم بنصرة المزارعين  الفقراء، مجرد مراهق فضولي يعيش حالة اغتراب عارمة.ويواجه هذا الكتاب سيلا من الشهادات والمذكرات والأساطير، والأحداث الميدانية والتاريخية المتعلقة بأرنست، وهو يقدم الأسئلة عن سر اختيار إرنستو غيفارا لهذا الخط في الحياة، وسر اختياره لهذا المصير.أتذكرون مقولة جيفارا الشهيرة:"أنني احس على وجهي بألم كل صفعة توجه الى مظلوم في هذه الدنيا". بالنسبة لهذا العرض – التعليق فانه لم يتمكن من تجاوز وصف المؤلفين لبواكير صبى أرنست، دون ان يعود أليها، دون ان يربطها ويتخيل التنشئة الاولية لهذا الرجل.غروس وفولف يعودان بنا الى الوراء:"كان ارنست يلاعب اخاه الصغير روبرتو، والملل باد على وجهه". يفصح لاخيه عن عدم رغبته في اللعب اكثر ويقترح عليه الذهاب الى منزل الجيران، حيث العادة ان يعقد اجتماع للسكان هناك." كانت الاصوات التي تخرج من المنزل لا تدل على جو مرح وضحك"، جيفارا في تلك الفترة لم يكن قد تجاوز السنوات الخمسن وكانت تشده قضايا تؤشر الاحتجاج والرفض، وكان السكان يناقشون زيادة أسعار الكهرباء، وقرروا تحطيم أعمدة الإنارة في المدينة كي تضطر شركات الكهرباء الى اصلاحها ودفع الغرامة المالية، في تلك الاثناء كان جيفارا يستمع الى تلك النقاشات الحامية وهو يتمدد تحت أريكة والده. في هذا المفصل من الكتاب يحسن غروس وفولف اظهار شغف أرنست بمعرفة قضايا الافراد.rnدونكيشوتلم يكن جيفارا فضوليا ايجابيا وحسب، كان مهووسا بالمعرفة، التوق الى عبور حدود المجتمع الصغير نحو عوالم اخرى، لم يكن يعرفها.لقد مل من لعبة "رنين الزجاج المحطم" وانتقل الى ممارسة هواية جديدة. اخذ أرنستو يقرأ كتابا ضخما من مكتبة والده وكان عن دونكيشوت.وكانت رغبة غروس وفولف واضحة في اظهار هذا الفضول:" جيفارا متعلق بالثقافات القديمة اكثر من أي وقت اخر (ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram