TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: من سيخسر في الحرب ؟

قناطر: من سيخسر في الحرب ؟

نشر في: 28 مايو, 2019: 12:00 ص

 طالب عبد العزيز

لم يبق من الحديث عن الحرب -التي لم تندلع بعد- بين ايران وأمريكا الا سؤال الناس لبعضهم: أنت مع من، إذا وقعت الحرب؟ فقد انقسم العراقيون بين مؤيد ومعاد لها، في الوقت الذي يعلم الكل فيه بأن العراق سيكون المتضرر الأول، حال اندلاعها. ففي جولة بسيطة داخل اسواقنا سنجد أن سلة الغذاء العراقية مستوردة باجمعها من إيران، وأذا ما أرادت غلق حدودها معنا سنموت جوعاً، اللهم إلا ما سيدخل لنا من تركيا وسوريا والأردن والخليج . من يريد أن يتخذ موقفاً مناصراً لهذا الفريق أو ذاك عليه أن يفكر بفطوره الصباحي ووجبات غداءه وعشائه قبل أن يحك رأسه مفكراً.
لم يأت على العراق من الهوان والذل كالذي أتت به الأيام هذه، فقد بلغ الدرجة القصوى من الحاجة والضعف والمسكنة. شعبه منقسم، وساسته الحقيقيون نائمون، وعملاؤه يتحكمون بادق مفاصله قوةً وتأثيراً. ترى، ماهي مصلحتنا كشعب في سقوط النظام الايراني؟ وما هو انتفاعنا كشعب في الوقوف مع أمريكا أو ضدها، ولماذا نحشر في حرب لا ناقة ولا جمل لنا فيها، ولماذا يذهب بعضنا في مناصرة إيران حتى لكأنها كانت الملاك الحارس ، ومتى كانت أمريكا البلاد التي سعيت لبناء إنساننا ومدننا؟ ترى متى نقولها صريحة، وبلسان شعب تعداد نفوسه قرابة أربعين مليوناً: أمريكا وإيران سببا خراب العراق. أليست الحقيقة هذه؟
أمريكا التي اسقطت نظام صدام حسين وحلت الجيش وفككت البنى التحتية للبلاد وإيران بطاقم عملائها وتدخلها في أدق شؤوننا، أمريكا وعرب الخليج والبدو والعرب مجتمعين من المشرق الى المغرب كلهم عملوا على تخريب العراق، أليست الحقيقة هذه ؟ إيران ومنذ ستة عشر عاماً وهي تعمل جاهدة على إذلال شعبنا عبر مدّ أذرعها في المؤسسة الدينية والامنية والجيش والشرطة والحشد وابقائه تابعاً، مستعطيا أسواقها في الصغيرة والكبيرة، الى الحد الذي بتنا فيه نستورد منها أباريق دورات المياة في بيوتنا. متى كان العراق عاجزاً عن تأمين أبسط حاجاته قبل ذلك؟
إيران التي وافقت على دخول امريكا للعراق واسقاط نظام صدام حسين، وأمريكا التي وافقت على تمدد أذرع الهيمنة الايرانية فيه، هما من يتقاتلان على أرضنا اليوم، لأمر واضح، فها هي امريكا تتراجع وتلعب لعبة القط والفأر بأدمغة حكام الخليج، تصعّد من نغمة الحرب بمقدار ما ستكسبه من أموال البلدان الجاهزة للدفع، فهي التي صوّرت إيران وحشاً، وهي تعلم إنها القادرة على تكسير انيابه متى شاءت، لكنها لن تفعل، فاللعبة أبعد من حرب تخسرها إيران أو تربحها امريكا. اللعبة نحن، العراق وبلدان الخليج، دمية الأطراف المتنازعة. لن تتمكن امريكا من هزيمة ايران، مثلما لن تتمكن إيران من تدمير امريكا، كذلك ستكون إسرائيل بمنأى عن صواريخ آيات الله، فهي تعلم بأن صاروخا واحداً على اورشليم يعني فناء طهران، أما الذليل والخسران فهو نحن أمة العرب في العراق والخليج.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram