TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > ديرك ولكوت رجل متعدد الاصوات

ديرك ولكوت رجل متعدد الاصوات

نشر في: 1 مايو, 2010: 04:35 م

أكثر من أي شاعر معاصر يبدو ديرك ولكوت متوافقا مع برنامج ت.اس . اليوت الشعري حيث يميز نفسه في كل ما وصفه اليوت  اجمالا " بالاصوات الشعرية الثلاثة " وهي القصيدة الغنائية ، والقصة او الملحمة والدراما ، فعلى الاقل منذ كتابه المعنون " منتصف الصيف " الصادر عام 1948 نشر ولكوت  ما يمكن وصفه بالارتباط الغنائي في شعر ذاتي  متسلسل بشكل قصائد فردية  اريد لها تكوين تصور كامل عن الجميع .
قصيدته الطويلة " اوميروس " الصادرة عام 1990 يمكن ان تسمى قانونا حيث ان تلك الكلمة لم تكن تشكل مشكلة في ذلك الوقت ومثل اليوت كان ديرك ولكوت كاتبا مسرحيا من خلال علاقته الطويلة بورشة ترنيداد المسرحية حيث اختزن الكثير من الافكار الدرامية الرائعة  في كل من النثر وذلك الشكل الصعب الذي دعي بالمسرحية الشعرية. لكن القرابة مع اليوت بالنسبة لديرك ولكوت تمتد الى ما بعد ذلك الشكل . ففي مقال اليوت الشهير "الموروث والموهبة الفردية " الصادر عام 1919 قال اليوت " كلما كان الفنان أكثر مثالية زاد الانفصال في داخله عما يكون عليه الانسان الذي يعاني والعقل الذي يبتكر "   . لقد تعمد ولكوت  تجنب طريق الاعتراف  الذي ابتكره صديقه منذ البداية وداعمه روبرت لويل حيث اختار بدلا عن ذلك صوت ما بعد الرومانسية  واكثر قربا من الطبيعة والذي تكون فيه المفردات العرضية للحياة ذات رؤية  شاعرية أكبر  حيث لا تكون النفس فيها موضوعا ظاهرا . ثم ظهر كتاب ولكوت المميز " طيور البلشون البيضاء " وهو مميز بسبب رؤيته في افضل تعبير لهذه الكلمة كأنه سيرة ذاتية .انه كتاب رجل عجوز يتوق الى يوم واحد من الضوء والدفء وهو كتاب تقدير رزين ذلك التقدير الذي يحدث على عدة مستويات : البدني حيث تحمل التخريب البطيء لمرض السكر واجتماعي حيث موت الاصدقاء القدامى وزملائه من الشعراء ، لقد وصفه مواطنه  سانت لوسيا بكونها "عبودية بدون سلاسل وبدون اراقة دماء " فهذا كتاب فيه ابتعاد عن كل ما هو حديث في الأدب " التعمد المتنافر في  الابتهاج ونفحة الفوضى فمنذ الصفحة الاولى في بعض الكتب الجديدة " تجد القليل من الجمهور اللائق الذي يقول له " انت ايها القارىء صديقي الأغلى " . تلك القصائد تنجز الفة استثنائية من خلال صوتها لكنها ايضا تستحضر ذلك القاريء بطيف كامل من الردود نحو الفناء والهدوء وكما يقول " أنا اعكس بشكل هادىء كيف أني سأموت قريبا " من خلال خداع نفسي " ماذا ؟ هل أغدوا سوبرمانا وانا في سن السابعة والسبعين " الى شيء أكثر ظلاما " درجة الرعب المشلول في أن بدايته هي الماضي " .وهو الهدوء الذي يثير الاعجاب أكثر بعد ان تضطرب العاطفة كما لو أن ولكوت يتحدث عن " ذلك السلام الذي يقع ما بعد الرغبات وما بعد الأسف الذي سيصل اليه في النهاية " .طيور البلشون البيض يتعامل ايضا مع عمر التجربة الفنية له وهو قياس النفس في مقابل الفناء كان وايات وسري  وكلير من بين الشعراء  والفنانين الذين اثروا فيه بالاضافة الى كون ولكوت كان رسما بارعا يحاكم نفسه بشكل صارم كان ولكوت من جهة يكتب أن اوروبا هي " جو الشعر وهي بيته الحقيقي " لكنه من ناحية أخرى يشير الى جوزيف كونراد بكونه ذلك الوغد الذي صور خواء  الاماكن مثل سانت لوسيا ويستنتج بشكل فخور  بأن هذا الشعر هو جزء من ذلك الخواء  مثل وادي سانتا كلوز فحب ولكوت جزيرته يتوسط  معرفته بالعالم الأكبر ماوراء شواطئها حيث يؤكد " أن  هذا المكان الصغير لاينتج شيئا سوى الجمال " وبرغم ذلك ليس لديه اي شك في أن شعره كان يعتمد كليا على الالهام الذي زودته به هذه البقعة الجغرافية دون سواها من الاماكن .وبالاشارة الى شاعر ايرلندي كتب ولكوت " أنا راض مثل رضي كافانج عن هكتاراته القليلة " وقلبي الذي يتمزق الى اجزاء مثل اعشاب البحر وثانية في تواضع عميق ان حبي  لتلك الجزيرة لاينمحي أبدا لكنه سيحترق حينما اذهب " .تلك الاشعار تبدو في بعض الاحيان قريبة من الصلوات وهي تمثل الولاء والامتنان لجمال العالم  على مستواه الاقل والذي يتمثل بالجزيرة وعلى التقدير الذي يجب على الشاعر أن يمنحة حسب رؤية ولكوت نفسه . ولأجل هذا فان كتابا جديدا عن بقعة جغرافية واحدة هو انجاز حقيقي يمكن في ما ندعوه الوعي الشاعري لشواطيء البحر . يبدو ولكوت أحيانا وكأنه مشرد في وطنه كما قال عنه ريشارد ويلبر ذات مرة فالعقل لهذه الاشعار موجود في جزيرة القديس لوسي  ( وهو القديس الشفيع للضوء والرؤية الذي قدم من المدينة الايطالية  سيراكوس  "  هذا الميناء الذي كان يمثل في آن واحد ميناء رودني وفنيسيا واستوكهولم  .هذه الرؤية الآنية  هي التي انجزت ملحمة ولكوت " اميروس " لتؤثر بشكل عال جدا عبر المحيط الاطلنطي ولتوجد في العالم القديم والحديث  كما لو كان في هذا العمل الخير ان المد يندفع بقوة باتجاه الشرق " اذا ارتاحت الروح ابدا ، فان مرفأه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram