علي حسين
منذ أن قرر السيد إبراهيم الجعفري عام 2006 أن يهدي سيفاً ذهبياً لوزير دفاع أميركا آنذاك دونالد رامسفيلد، ونحن نعيش شيئاً أقرب الى الكوميديا السوداء في خطابات المسؤولين العراقيين عن أميركا. ذلك أن إبراهيم الجعفري يوم أهدى السيف كان رئيساً للوزراء وأميناً عاماً لحزب الدعوة. بعدها سنجد أمين عام حزب الدعوة الجديد نوري المالكي يقف وسط قاعة الكونغرس الأميركي يشكر الأميركان لأنهم ساهموا مع العراقيين في تحرير العراق من النظام الدكتاتوري.. ويمكن لمن يشك في نزاهة جنابي أن يذهب الى موقع اليوتيوب ليجد الخطبة كاملة مع تصفيق حار من أعضاء الكونغرس. سيقول قارئ عزيز: يارجل لماذا تتمسك بهواية تقليب الدفاتر القديمة، والناس مشغولة البال بمصير مهندس بغداد وباني عمرانها نعيم عبعوب ، الذي تقول الأخبار إنه اعتقل على الحدود السورية اللبنانية، وقد كان يسعى لتطوير هذه المنطقة العربية .
ياسادة، كنت سأسدل ستار النسيان على ما فعله الجعفري، وما قاله المالكي، لولا صرخات خطيب حزب الدعوة عامر الكفيشي الذي دائماً ما يفاجئ جمهورة بتقليعة جديدة. فبعد أن حاول الترويج لبضاعة منتهية الصلاحية شعارها "الدولة المدنية كفر وإلحاد"، ظهر من جديد، وهذه المرة يطالب بغلق السفارة الأميركية ، وكما تعرفون كتبت في هذه الزاوية أكثر من مقال عن "محاسن" الكفيشي ودوره في تنمية "الثرثرة" الوطنية، والتي دائماً ما يعاني أصحابها من مرض الانفصال عن الواقع، فتراهم يراهنون على أن العراقيين لايمتلكون ذاكرة تحفظ الوقائع والتواريخ، وكيف أن قادة في حزب الدعوة لاينامون قبل أن يتسامروا مع السفير الأميركي في بغداد.
هل انتهت فصول الكوميديا العراقية لهذا اليوم؟ بالتاكيد لا يوجد خبر يمكن أن ينافس خبر صاحب نظرية الزرق ورق، لكن ساستنا ومعهم بعض أصحاب "المحاليل" السياسية، لايريدون أن يغادروا الخشبة، يبدأون بكذبة وينتهون بمهزلة، وغالباً ما تكون من عيّنة ما قاله السيد وفيق السامرائي من أن ترامب ترجّى العراقيين أن يسمحوا له بلقاء الرئيس الإيراني روحاني في بغداد. طبعاً لا أحد ينكر أن السيد وفيق السامرائي يتمتع بقدرات متميزة في إشاعة روح الدعابة، مثلما تمتّع وما يزال ، بخفّة ورشاقة ، تتيح له القفز من حال الى حال .
سيقول البعض: ماذا تريدُ أن تقول ،هل نصفّق للمحتل الأميركي ؟ لا ياسادة، الذين صفقوا للأميركان عام 2003 ومنحوهم السيوف ووقفوا تحت قبة الكونغرس الأميركي يقدمون الشكر، هم لاغيرهم من يشتمون الأميركان اليوم في الفضائيات، ولا تصدقوا أنها صحوة ضمير، بل تغيير في بوصلة المصالح والأرباح .. أما المواطن المسكين، فهو الخاسر الوحيد الذي يجبر على أن يشاهد مأساة توهم انها كوميديا والعنوان واحد " الكفيشي " .