محمد حمدي
آثرت ترفّعاً أن لا أكتب في موضوع محكمة كاس الحالية في لوزان السويسرية فهي محاكمة علنية أجنبية أولاً وأخيراً يندرج بها اسم العراق ورياضته، كيف لا ومحور القضية المربكة من عنوانها هو الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم ، والسبب الآخر هو تواجد الاضداد اصدقاء ونجوم الأمس وجهاً لوجه أمام المحكمة والقضاة الاجانب لفضّ نزاع داخلي رياضي عراقي مرتفع التكاليف يزدان بنشر الغسيل في تهم معيبة لم نكن نتمنى أن نراها في مثل هذا الميدان.
وفي المشهد الذي صوّرنا كمجتمع رياضي منقسم على نفسه وإعلام رياضي يشحن الفوضى على حد زعمهم بميوله لهذا الطرف أو ذاك، كل هذه الصور القاتمة صاحبت وفدي الاتحاد والمعترضين معاً وتسبّبت بشرخ كبير وفجوة لن تُردم أبداً مع استمرار الحال كما هو عليه حتى لا يساور الشك أي أحد من جماهيرنا الرياضية اليوم بأن ثمّة شعور رهيب يسيطر على الجميع بتقاسم كعكة المصالح الشخصية تماماً والابتعاد عن الإيثار في بعض القضايا التي من الممكن تجاوزها، فيما لو صفت النفوس وفضّلت مصلحة الكرة العراقية على كل مصلحة لكي نلتفت بعد ذلك الى حالة التخلف والتراجع الذي نعيشه اليوم.
نعم لم أكن انوي الكتابة عن الموضع الذي وصلت أدران مرضه الخطير الى جذور المصطلح المزدان بالحب والطاعة والاحترام لنكتشف انها تسميات فارغة فقط لا اساس لها من الصحّة في بيئة الملوّثات التي نعيشها اليوم ووسطها الذي صاحبه نمو التزوير والمحسوبيات والفساد الى اقصى درجات الريبة ، يقينا ان ما ينتظره الطرفان من اليوم وحتى مطلع شهر آب المقبل هو إعلان النصر المزعوم المطرز باكاليل الغار من سويسرا نصر سيصوّرونه لنا وكأنه إنجاز يرقى أو يفوق انجاز منتخبنا الوطني عام 2007، وانكسار وهزيمة للطرف الآخر اي طرف الذي أقرّه القضاة الاجانب وفشلنا فيه حد البؤس كمؤسسات رياضية لم نستطع كبح جماح العابثين!
هذا هو المشهد المؤقت اما البعيد المدى فهو السيطرة والاستمرار على دفة الحكم البالية بمؤسسة رياضية فشلت بجميع مسمياتها واشكالها، حيث أنهارت اربعة منتخبات في بطولات آسيا الاخيرة وتبعها ممثلنا الوحيد في دوري الاندية الابطال وظل دوريها ومحور عملها عالقاً في حبال التأجيلات والإطالة بلا نهاية حاله لا يشبه حال الدوريات الاخرى في العالم ومحاولات يائسة لاجتثاث التزوير من فرق الفئات العمرية التي مرّرت من بحوزتها من اللاعبين بعمليات قيصرية معقدة لانعدام دوري الفئات العمرية يضاف اليها كرة نسوية فارقت الحياة ولجنة تحكيمية تغط في بحر اخطاء بعيدة كل البعد عن لعبة كرة القدم.
بعد ذلك كله وهو غيض من فيض تؤثرون التمسك بخيط البقاء والحضور في مزاد لوزان العلني، أي خطيئة وأي زمن هذا الذي نعيش فيه لحظات الانكسار واللامسؤولية، وأي رياضة نسير بها ونتبجح فإذا كان هذا حال كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى فكيف هو الحال مع اتحادات متصارعة أخرى لم تنجح في إقامة بطولة محلية واحدة منذ ثلاث سنوات وآخر انشطر الى اتحادين وثلاثة وعشرات القضايا للطعن بالنزاهة والفساد وغيرها من التهم.
بسبب هذه الصورة السوداوية التي تبعث على الغثيان اختلطت الآراء وزاد الضباب وصار حبل الاتهام قصيراً جداّ يمنع أحدهم من مجرد التفكر وإيجاد الحلول ويكتفي بإطلاق التهم الجانبية، فإن فسّر كلامك مع المعترض فأنت من فئته، وإن كان العكس فأنت من المستفيدين، هذه ببساطة هي الخلطة التي خرجنا منها بخلافات وسطنا الرياضي!