إياد الصالحي
يدشّن منتخبنا الوطني لكرة القدم رحلة الاستعداد الأولى ضمن منهاج مدربه السلوفيني ستريشكو كاتانيتش للاستحقاقات المقبلة، وذلك عندما يتوجّه فجر غدٍ الأثنين لقضاء معسكر تدريبي قصير قبيل مواجهة مضيّفه منتخب تونس على الملعب الأولمبي برادس يوم الجمعة المقبل.
كل المؤشرات الفنية والإعلامية التي تسبق سفر المنتخب إلى تونس أكدت سرقة محكمة كاس الدولية الأضواء خلال الأيام الماضية للفصل في نزاع اتحاد الكرة مع المعترضين حول صواب انتخابات أيار 2018 من عدمه، وحجبت الاهتمام عن منتخب الوطن ومدى جاهزيته لخوض اللقاء الودي القوي مع "نسور قرطاج" في ظل عدم تمكّن كاتانيتش من جمع اللاعبين بسبب استمرار منافسات الدوري حتى إنجلاء الجولة 11، ما شكّل صعوبة بالغة في تأهيلهم وإعادة الانسجام فيما بينهم منذ إنتهاء مباراتهم مع الأردن في نهائي بطولة الصداقة الثانية يوم 26 آذار الماضي.
ليست مبالغة أن تُعد ودية ملعب رادس الملقب بـ"درّة المتوسط" والمُنشَأ عام 2001، بالمباراة الأهم منذ تولي كاتانيتش مهمته مع الأسود في الخامس من أيلول 2018، نظراً لقوة المنتخب التونسي صاحب التصنيف 28 عالمياً مقابل 76 لمنتخبنا عن شهر نيسان، وقيادته من قبل المدرب آلان جيريس نجم منتخب فرنسا المشارك في مونديالي 1982 و1986 والحاصل معه على كأس أوروبا1984والملقب بالماسة السحرية مع توأميه في خط الوسط ميشيل بلاتيني وجين تيغانا، ولديه طموحات لا حدود لها مع ابناء تونس منذ تسلّمه التدريب قبل عام، ساعياً إلى تحقيق لقب بطولة كأس أفريقيا 32 المؤمّل أن تضيّفها العاصمة المصرية القاهرة 21 حزيران الحالي، التي استعصى كأسها على النسور منذ تتويجهم بها أول مرة عام 2004 على أرضهم بعد فوزهم على المغرب 2-1.
كانت خيارات كاتانيتش مفتوحة لاستدعاء 23 لاعباً جلّهم ممَّن خبر قدراتهم في البطولة الدولية الودية بالسعودية، وكأس آسيا بالإمارات وبطولة الصداقة الثانية في البصرة وكذلك مباريات دوري الكرة في المرحلة الثانية التي شهدت بروز لاعبين يستحقون إرتداء الفانيلة الوطنية بعد مشاهدته لهم عن قُرب وتدوين ملاحظاته الفنية التي تخدم رؤاه للتصفيات الآسيوية المشتركة والمؤهلة لبطولتي (كأس العالم 2022 في قطر وكأس آسيا 2023 في الصين) وقبل ذلك بطولة غرب آسيا التاسعة بكربلاء وأربيل آب المقبل، فلا عذر له بعد ذلك، كونه مسؤولاً عن خياراته، ويصبح لديه تصوّر واضح عن كل لاعب وسيتمتع بفرصة كافية عند بلوغه الخامس من أيلول القادم.
ما يثير قلق النقاد والمتابعين هو الانخفاض الكبير في مستوى اللياقة البدنية لأغلب عناصر المنتخب مع زيادة ضغط المنافس في ملعبهم، وهذا ما لوحظ في كأس آسيا باعتبار أن الاحتكاك بالبطولة القارية لا يقبل انصاف الحلول، وبرزت في الدور 16 منافسات الكبار التي فضحت مستوانا الحقيقي أمام قطر (البطل) ولم نتمكن من تعديل النتيجة والفوز عليه، وهذا ما نخشاه أمام "نسور قرطاج" المنتخب المدجّج بأربعة عشر محترفاً في دوريات قوية في ألمانيا وإنكلترا وفرنسا وبلجيكا وهولندا والسويد واليونان ومصر والسعودية الذين يتمتّعون بجاهزية بدنية وأسلوب تكتيكي عالي المستوى بفضل الاحتكاك بالمدارس الكروية الرائدة في العالم.
لم نزل نراهن على قدرة الأسود في خوض جميع التحديات، ونذكّر بضرورة اغتنام ودية رادس لتبديد الهاجس كونها تجربة استثنائية لم نخض مثلها منذ سنوات، وفقاً لطبيعة الكرة الأفريقية الحماسية والأداء القتالي المطلوب من أجل عدم فقدان الكرة والتهديد المستمر للحراس بكرات مباغتة من مسافات بعيدة فضلاً عن المساندة المزلزلة للمنافس من قبل الجمهور التونسي المثقف والملتزم بالتشجيع النظيف وهو سرّ نجاح أنديته ومنتخباته في المناسبات الخارجية.
نتمنى النجاح لمجلس إدارة الاتحاد التونسي لكرة القدم برئاسة وديع الجريء في إخراج القمّة الكروية العراقية التونسية لتكون كرنفالاً شعبياً باهراً يوطّد دلالات العلاقة التاريخية وسمو الخلق الكريم لرياضيي البلدين ويؤكد الاحترافية النموذجية التي تتمتع بها الجامعة التونسية للعبة في تنظيم هكذا مباراة نأمل أن تكون بمثابة الفأل الحسن للأسود ولنسور قرطاج في التحدّيات المرتقبة.