علي حسين
كنت، ولم أزل، مجرد كاتب يحاول أن يلاحق الأحداث في هذه البلاد التي يخرج فيها نائب ليقول : "سأشتري منصب محافظ الأنبار"، ويصرّ فيها حزب الفضيلة على مطالبة الحزب الشيوعي العراقي بفصل عشائري ، وإلا فإن "الرمّانات" جاهزة. ولهذا كنت، وما زلت، أتمنى أن أجد مسؤولاً عراقياً يرد على الرئيس الإيراني روحاني حين يقول "إننا نتدخل في الشأن العراقي." سيقول لك البعض في مثل هذه المواقف "إن السكوت من ذهب."
ولأننا في أيام عيد، أتمنى ان أستيقظ ذات يوم ، فلا أجد في نشرات الأخبار خبراً يتعلق بالاستحقاق الطائفي، ليست عندي ياسادة من مقترحات غير التمني، وهي بضاعة المفلسين في عصر يستمد معارفه وعلومه من مكتبة إبراهيم الجعفري التي لا أدري أين حلّ بها الدهر، بعد أن عاد الجعفري الى موطنه الأول "بريطانيا"، لذلك تجدني أحياناً أهرب الى الكتب، وأصدع رؤوسكم بحكايات مؤلفيها، وأتغنى بخصال افلاطون وروسو ونجيب محفوظ ، لأن واقعنا ياسادة أصبح مجرد استعراض لخطب ساسة بلا لون ولا طعم.
سيقول البعض: بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيد، لكنه يعود ياسادة وسيكون فيه تجديد برغم وساوس عمّنا المتنبي وتشاؤمه، فمثلما يريد البعض لهذا الوطن أن يكون ضحية لمطامحه وقرباناً لدول الجوار، فإن هذا الشعب لايمكن أن يواصل الرضوخ ليقدم كل عام أضحية، وتسرق آماله ومستقبله وأحلامه. فليواصل الكاذبون كذبهم، كما يشاءون، ويستمر المضحوك عليهم في استقبال مزيد من الحكايات الكوميدية عن الاصلاح والنزاهة ، أما نحن فسنغسل أحزاننا ما دام هناك من استطاع أن يحرر الموصل، ويحوّل خيبات مهدي الغراوي وأكاذيبه الى انتصارات ومباهج.
سنوات والسيد باقر جبر الزبيدي يصدّع رؤوسنا بأنه صاحب "الصنائع السبع": أمن وأمان وهندسة وعمران ومال ومالية وزراعة وصناعة وإسكان، واليوم، والحمد لله، نكتشف له صنعة جديدة خبير في الشأن السوداني ليصدر بيانا الى اهالي الخرطوم يخبرهم فيه : "من خلال متابعتي للشأن السوداني اتضح لي أن البشير يقود مجموعة من الجنرالات الذين يربطهم تنظيم خاص مباشر بدولة خليجية تمويلاً وتخطيطاً، ومن هنا فإن قادة الانقلاب العسكري لم يقنعوني او يقنعوا الشعب السوداني بإمكانية تسليمهم السلطة"، وبسبب هذا البيان الثوري اقترح على الحكومة العراقية أن تعير الزبيدي للسودان لمدة عشرة اعوام ، عسى أن ينصلح حالهم وتنتهي أزماتهم.
في كل الأحوال، وبرغم الحال التي يعود فيها هذا العيد وابراهيم الجعفري ومكتبته "العامرة" ولغته السنسكريتية ، غائبون عن الأنظار والاسماع ، ومع شغفي بعمّنا أبي الطيب، أقول لكم: كل عام وأنتم على عتبة أيام أفضل لاتسمعون فيها صراخ عالية نصيف.