محمد حمدي
شهدت مباريات الدور نصف النهائي لبطولة كأس العراق نتائج أقل ما يقال عنها أنها غريبة ولم تكن لتتبادر إلى ذهن أي متابع مهما كانت درجة متابعاته وتوقعاته، وتمثلت بخسارة الطلبة أمام الكهرباء بثلاثية نظيفة وفوز الزوراء بأربعة أهداف مريحة على القوة الجوية.
مباريات شدّت الشارع الرياضي الكروي من أقصاه الى أقصاه بأمسية لاهبة لن تقبل بها أية دولة في العالم على اعتبار أن درجة الحرارة لا تسعف لاعب كرة القدم لتقديم مالديه وتعرّضه لخطر شديد لسنا بصدد الحديث عنه أكثر مما قيل ويقال وبات معروفاً لدى الجميع، وهو بذات الوقت ليس تبريراً للهزائم المدوّية التي نالها فريقان من أشد فرقنا المحلية مراساً وجماهيرية ، ولكن الغريب فيهما وما شهدناه على لسان أكثر المحللين بعد إنتهاء المباريات هو مجانية الخاسر وأقصد المدرب ولاعبوه وكيل المديح للفائز على أنه قرأ ظروف المباراة وتعامل معها وفق ما يتطلب، فنال بذلك أيوب أوديشو وثائر أحمد نصيبهما الوافر من النقد حدّ التجريح وعلّقت أكاليل الغار للحكيم شاكر ومدرب الكهرباء عباس عطية.
مع كل ذلك واستحقاق الزوراء والكهرباء للفوز إلا أن التحليل الرياضي أبتعد عن وصف الموقف كما هو وراح أكثرهم يغرّدون بعيداً عن أشواط المدربين والمنجّمين ومن وضع الخطط ودرسها وخدع غريمه مع العلم إننا جميعاً ندرك ماهية المدرب المحلي وطريقة تفكيره النمطية المعتادة في المباريات الحساسة والاعتيادية معاً.
لا نطلب هنا سوى فسحة بسيطة لمناقشة النتائج وأسئلة تفرض نفسها بقوة لعلّ أولها، هل هناك من يشكك بخبرة أوديشو وأحمد على المستوى المحلي؟ وهل أن الجوية والطلبة من الفرق الاعتيادية البسيطة في مساحة الأندية الجماهيرية؟ الإجابة واضحة بالتأكيد لكل منصف، ولكن كيف سقط الطلاب وماذا حل بالجوية؟
إن انهيار الطلبة لم يكن جديداً مع الخسارات المتتالية التي نالها في الدوري الكروي وكثرة الانقسامات التي تعيشها الإدارتان الفنية والادارية انتجت مجموعة من اللاعبين لم يلعبوا كرة القدم بما يوازي هويتها وجماهيريتها وانتظرت ما يملأ الجيب من مستحقات مالية وهُزمت نفسياً حتى قبل أن تبدأ مباراتها مع الكهرباء بوقت طويل، فيما أفرط الجويون بالتفاؤل بمستوى متميّز ومباراة جماهيرية كبيرة كسبوا فيها الشرطة المتصدر للدوري وراهنوا على تألقهم التصاعدي مع حالة التردّي الواضح للزوراء ونتائجه الصعبة في الفترة الأخيرة .
هنا يبرز دور المدرب الذي قد يجد نصف فرصة للتصحيح والعزف على نغمة إنقلاب واقعه نحو الأفضل من وحي إفراط المنافس بحسابات غير حقيقية، كما أسهمت الدقائق الأولى من المباراة وتسجيل الزوراء لهدفين سريعين أربكا حسابات الجوية الذي نزل نجمهم المتبختر حمادي أحمد الى الساحة ممتطياً نشوة غروره لمباراة هاتريك سابقة، وراح يُعنّف هذا ويوبّخ ذاك ويشدّ مع الحكم في مهاترات ونقاشات لا طائل منها سوى التأثير السلبي وإرباك فريقه.
من الجانب الآخر عاش الحكيم شاكر نشوى النصر مبكراً وقد انفتحت شهية لاعبيه على تسجيل الأهداف من وضع الإرتداد ونجح في الكسب مع انه لم يكن يتوقع الفوز بأكثر من هدف أو فارق هدفين في أحسن حالات العطاء للاعبيه الذين ابدعوا دون أدنى شك في استثمار فرصهم باحتراف قلّ نظيره.
انتهت قمّة "كلاسيكو الكاس" بنتيجة طبيعية لا تستوعب طلاءها بأجواء أسطورية كما صوّرها لنا أغلب المحللين!