علي حسين
دائماً ما يواجهني قرّاء أعزّاء بسؤال : لماذا تعود دوماً إلى تجارب الشعوب وتستعير الحِكَم والأمثلة من بطون الكتب؟ البعض من القراء يضيف : هل تتوقع أن ساستنا ومسؤولينا يقرأون؟
وأنهم سيطيلون النظر في سطور مقتبسة من شكسبير او طه حسين او حتى المرحوم علي الوردي؟
أنا يا اعزائي ، لا أكتب من أجل الموعظة، بل ضد التخلف، ولست أريد من مسؤولينا الأكارم أن يمضوا أعمارهم في تقليب صفحات تاريخ الأمم للطبري، والتغني بأشعار أبي الطيب المتنبي، كل ما أريده وأتمناه أن أشاهد نائباً يؤنّبه ضميره وهو يقرأ أن هناك نصف مليون عراقي مايزالون يسكنون خيام النازحين، لا أقبل أن يتحسر العراقي وهو يشاهد الممثلة أنجلينا جولي تدمع عيناها وهي تتجول بين خرائب الموصل التي استبدلت العاكوب بالمرعيد، ومايزال أهلها ينتظرون استبدال الخراب بإعمار للمدينة وترميم لنفوس أبنائها.
أعرف جيداً أن الكثير من القرّاء الأعزاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من الترف لا يهم المواطن البسيط المبتلى بأنباء التقشف وغياب الكهرباء ، ولكن اسمحوا للعبد الفقير أن يتحدث عن صورة نشرها الصديق علي بدّاي على صفحته في موقع الفيسبوك للمستشارة الألمانية ميركل وهي تتسوق بمفردها من دون حمايات ولا مصفحات، ولا ضجيج ومعها صورة لعشرات السيارات الحديثة ترافق موكب السيد نوري المالكي . ستقول مثلي ما اعظم المسؤول حين يؤمن انه انسان عادي في زمن يصر فيه المسؤول والسياسي العراقي ان لايخرج الى الشارع إلا وأفواج الحمايات تحيطه من كل جانب، خوفا من نظرات الحسد التي يحملها الناس له .
عام 2010 تساءلت صحيفة الغارديان اللندنية: كيف لبلاد بسمارك وغوته وهلمت كول أن تضع مصيرها بيــد امرأة بدينة بسيطة المظهر؟.. لا تاريخ سياسياً.. لا أناقة.. والأهم لا شيء من ملامح الحزم.. الغارديان التي سخرت من المرأة البدينة عادت بعد سنوات لتعلق على وقوف ميركل الى جانب الأقلية المسلمة في المانيا ، قائلة إن هذه المرأة تدهشنا كل يوم بفعل عظيم.
أنظر إلى المرأة البدينة وهي تقف وسط السوبر ماركت تتحدث مع البائع، وأنظر إلى ملامح بعض مسؤولينا، وهم ينذرون الناس بالويل والثبور وعظائم الأمور، فأجدهم يفتقدون الرؤية والقدرة على إلهام الناس !
أرجو ألا يظن أحد أنني أحاول أن أعقد مقارنة بين بلاد ميركل وبلاد أصحاب الفخامة، لكنني أحاول القول دوماً، إن لا شيء يحمي الشعوب من آفة الخراب سوى مسؤولين ومعهم رجال دين يعرفون معنى التواضع وينظرون الى العراقي باعتباره شريكا لهم في الوطن ، وليس مجرد نزيل لا يحق له حتى الاحتجاج.
جميع التعليقات 1
رامي جبيلي
انه فساد العقول,يضرب من توقع الصدفة العابثةقلة حظ البلادبجعلهم مسؤولين بلا حسيب ولا رقيب.