نجاة الكوازمن الأسئلة التي تبرز على الساحة هنا هي ما دور منظمات المجتمع المدني في حياة المواطن العراقي والتغيرات التي طرأت بعد استحداث هذه المنظمات في المشهد العراقي؟والإجابة التي تطرح نفسها هنا هي أن الكثير من أبناء المجتمع العراقي لا يعرفون الكثير عن هذه المنظمات وما أهدافها ودوافعها ولماذا وجدت أصلا؟ ولا يقتصر هذا التساؤل على المواطن بل يتعداه إلى أن الكثير من العاملين في هذه المنظمات لا يعرفون ما هي منظمات المجتمع المدني
لذا عند الحديث عن منظمات المجتمع المدني لا بد من الإمعان في الإغراض والدوافع التي أدت إلى ظهور هذه المنظمات ،وهنا نسلط الضوء على مفهوم المجتمع المدني لنجد الكثير من الأحاديث بأنه ظهر لأول مرة في الفكر اليوناني الإغريقي عندما أشار إليه أرسطو باعتباره مجموعة سياسية تخضع للقوانين ،بعد ذلك تطور مفهوم المجتمع المدني في القرن الثامن عشر حيث بدأ التميز بين الدولة والمجتمع المدني لضرورة التقليل من هيمنة الدولة لصالح المجتمع المدني ،بعد ذلك في القرن العشرين طرح جرامشي مسألة المجتمع المدني في مفاهيم جديدة تبلورت لفكرة المنظمات الغير حكومية ينظم إليها الإفراد بصورة تطوعية لغرض تحسين أوضاع المجتمع الحياتية والاقتصادية.استنادا لمجمل ما تقدم من التطور التاريخي للمجتمع المدني وبالعودة إلى التاريخ لفترة ظهور الإسلام نجد أن النبي محمد( صلى الله عليه وأله وسلم ).قد قدم أجمل وأبهى صورة لمنظمات المجتمع المدني من خلال رعايته للأيتام والأرامل ،عندما غرس في ألأمة الإسلامية روح التضحية بالمال من أجل مساعدة الناس ممن هم بحاجة للمساعدة ومع مرور الوقت تطورت هذه الفكرة إلى أن أنخرط الكثير من الصحابة والناس للعمل على مساعدة المحتاجين والتبرع بأموالهم الخاصة لمساندة هذه القضية .ولاننسى حديث الرسول الأعظم محمد( صلى الله عليه واله وسلم ):(من عال يتيما حتى يستغني عنه أوجب الله له بذلك الجنة) صدق رسول الله.وتوارث هذا العمل الخيري الكثير من الصحابة والخلفاء الراشدين ،وقد تبلورت هذه الأفكار من خلال العمل الذي قام به الإمام على (عليه السلام) ،عندما أنشأ مؤسسة (كافل اليتيم) .وقوله في الأيتام (الله الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم ).منذ عصر الإسلام ظهرت فكرة المجتمع المدني بأبسط صورها ،من هنا يكمن بيان طبيعة الدين الإسلامي في أهدافه ومعتقداته ،فهو دين يشمل جميع المظاهر الإنسانية والأخلاقية التي علمنا إياها رسولنا الكريم. وعند التعمق في دراسة الدين لأنجد شيئا من مظاهر الحياة إلا وقد تم ذكره أو الإشارة إليه في القران الكريم .وعند الحديث عن منظمات المجتمع المدني في العراق نجد أنه بعد عام 2003) ظهرت هذه المنظمات على الساحة العراقية بسبب الفراغ الأمني)والعشوائية في اتخاذ القرارات، ومن هنا جاءت هذه الفكرة من قبل قوات التحالف فظهر عدد من تلك المنظمات في أول صورها .وفي هذه الفترة لم يعرف الكثير ،عن ماهية منظمات المجتمع المدني وكيفه عملها، لأن المجتمع العراقي قبل هذا التاريخ لم يتطرق إلى مفهوم المجتمع المدني ،لكن كان هناك نقابة العمال ،المعلمين ،اتحاد الطلبة ،مراكز الشباب ،الغرف التجارية،نوادي الرياضة،الجمعيات التعاونية .وكل هذه النقابات والاتحادات كانت تعمل بأشراف الدولة ومتابعتها بدون استقلالية وعملها كان لصالح الدولة والقائد ،أما بعد هذا التاريخ بدأت الفكرة بالتبلور ولكن دائما البلدان الحديثة العهد بالديمقراطية تحتاج إلى وقت للخروج من أطار الدكتاتورية لكي تبدأ مرحلة جديدة في حياة المجتمع .قبل الإمعان في الإغراض والأسباب التي أدت إلى ظهور هذه المنظمات لابد من ألتطرق إلى بعض النقاط المهمة ،أهمها التخلص من هيمنة الدولة في جميع مجالات الحياة ،لذلك كان على المجتمع أن يجد طريقة للتقليل من سيطرة الدولة على تقرير مصائر الناس .وهنا نجد السؤال يدور في أفق المتلقي ،هل أصبح عندنا مجتمع مدني حقيقي؟ وهو سؤال يدفع الى الوقوع في سؤال أخر ،ما هي النتائج والإعمال التي قدمتها منظمات المجتمع المدني للمواطن؟عند الإجابة نحتاج الى مساحة من الحوار الهادئ وجرعة عالية من ثقافة الحوار لتعريف منظمات المجتمع المدني، نستطيع أن نقول بأنها منظمات مستقلة غير حكومية تقوم على أساس التطوع بعيدا عن أي أهداف مادية لغرض تقديم خدمات لأفراد المجتمع ،من أجل تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية والثقافية الخ.يجب أن يكون لمنظمات المجتمع المدني دوراً فعالاً ونهضوياً في وضع المجتمع على أول خطوات الديمقراطية،وعلى منظمات المجتمع المدني الاهتمام بالكثير من القضايا الخاصة بحقوق الإنسان مثل الانتهاكات التي يتعرض لها السجناء ،العنف ضد النساء والأطفال ،المساعدة أثناء الكوارث مثل الحرائق والمفخخات .في الوقت نفسه تكون هذه المنظمات باعثة لحل إشكالية اعتماد المواطن على الدولة فهذه المنظمات الغرض منها هو تنسيق المجتمع بشكل ايجابي والتحرر من سلطة الدولة في كل مجالات الحياة ،وعليها أن لا تقف عائقا بين الدولة والمواطن ، يجب أن تعمل بشكل يقوم مسارات الخطأ وتوصيل الخطوط المستقيمة ووضع النقاط في مكانها الصحيح في العلاقة بين الدولة والمواطن،وعدم المتاجرة بقضايا الناس ومعاناتهم مثل حالات القتل الطائفي والمقابر الجماعية .الطموح الأساسي هن
دور منظمات المجتمع المدني بين الحقيقة والوهم
نشر في: 2 مايو, 2010: 04:47 م