طالب عبد العزيز
يشكك غالبية سكان البصرة بامكانية الرئيس عادل عبد المهدي على تطبيق قراره الخاص بهيكلة الحشد الشعبي، ودمجه بالجيش، وسحب أسلحته،
وغلق مقراته، فهذا أمر يفوق امكانيته على التنفيذ، مثلما يتجاوز قدرة قادة الحشد في القبول والاستجابة، اللهم إلا إذا كان القرار قد صدر باتفاق جميع الأطراف المعنية به، أو أن قوة ضاغطة عليا ستعمل على تنفيذه.
أقول في شكوك سكان البصرة لعلمنا جميعاً بأن الوجود الكبير لمقاتلي الحشد الشعبي له خصوصية ما، فهذه المدينة كانت الرافد الأول للمقاتلين الأشداء، وهي التي قدمت آلاف الشهداء، الذين خلفوا آلاف اليتامى والايامى، لكنها في الوقت ذاته خلقت أقطاباً سياسية وعسكرية واقتصادية نافذة، لها ما لها من القوة والتدخل والنفوذ والفرض، وبما يمكنها من كسر أي قرار تصدره رئاسية الوزراء، أو أي جهة أخرى، إذا ما أحست بانها ستفقد هيمنتها وقدرتها وحرمانها من التواجد والتحكم في الأمكنة التي تدر عليها المال منذ سنوات، والتي باتت بحكم الواقع من ملكيتها ومصدر قوتها.
ستكون المنافذ الحدودية أول ما تخسره الاقطاب تلك، وكذلك ستكون خسارتها في الدوائر النفطية والميناء والجمارك وعشرات المؤسسات المدنية، فالقضية قضية عقود ومشاريع ومبالغ كبيرة، أما العشائر فستكون الخاسر الثاني في قضية هيكلة الحشد، فقد ظل الحشد مصدراً لأسلحتها وعتادها، وحال تنفيذ القرار ستنفك اللازمة المعروفة(الحشد والعشيرة) وهناك أطراف عديدة أخرى ستفقد قياداتها مصادر قوتها العسكرية والاقتصادية. نعم، قدّم المقاتلون الحشديون أرواحهم فداء لقضية نبيلة، وتصدوا لأبعش عدو وأقذر فصيل طائفي مسلح (داعش) لكنهم ذهبوا الى وادي السلام، فيما عاد أقرانهم، الأحياء، الفقراء الى بيوتهم ينتظرون الراتب البسيط قوتا لأسرهم، أولئك الذين يتسلمونه بين الحين والآخر، أما الذين كانوا وما زالوا في الأعلى، ويمسكون بكل شيء(السلطة والمال والسلاح) فسيكون عسيراً عليهم التفريط بالممالك التي صنعوها خلال السنوات، والتي بواتهم العز والمنعة والرفعة.
لا أحد سيقدر الضرر الذي سيلحق بهؤلاء جراء سحب الأسلحة وجعلها بيد الدولة، لكن قراراً كهذا سيثلج صدور الملايين من أبناء المدينة، الذين عانوا من عسكرة المدينة ومن وجود عشرات المقار المسلحة ومن قتال العشائر، وجراء ذلك ستختفي السيارات المظللة مثلما لن يشهر أحد هوية الحشد بوجه جندي في نقطة تفتيش، ولن يكون لأحد سلطة أعلى من سلطة الدولة، وسيكون لسان حال السكان نربح النظام ونخسر الفوضى.