علي حسين
هل شعر الساسة العراقيون بالاستغراب، وهم يجلسون قبالة وزير يرتدي زي طائفة السيخ الهندية، لكنه يتحدث معهم عن آفاق التعاون العسكري بين كندا التي يتولى فيها منصب وزير الدفاع ،
وبين العراق الذي يضع يشترط فيه الساسة ان يكون وزير الدفاع سنيا؟..
منذ أيام تدور معركة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام حول وزير الدفاع العراقي الجديد ، بطلها الاصلاحي "حد الكشر" جمال الكربولي الذي انتفض وكتب مغردا ان " الوزير انتماءه لنا لمصادرة منصب هو من حق المكون السني " ، وقد انتقلت المعركة الى الصحف حتى ان نائبا اقسم بأغلظ الايمان ان الوزير سني ، ووالده كان امام مسجد في ديالى! .
كان تولي مهاجرا هنديا اسمه "هارجيت سينغ" منصب وزير الدفاع في كندا قد اثار اعجاب الملايين من الكنديين مواطنين وسياسيين ، رأوا فيه تكريسا لمبدأ التعددية الدينية والعرقية في كندا.
يدرك المواطن جيدا ان السياسي العراقي لا يتذكر سوى نفسه ويضرب حوله سياجا دائريا من الحرس والعيون ولا يترك ثغرة في هذا الجدار الطائفي العازل تدخل منها آراء الناس ومشاكلهم.. ولهذا نجدهم يدفعون الناس في كل يوم نحو وطن لا يحده سوى اليأس والخراب وصراع الطوائف؟ هل يدركون مدى اتساع الهوة بينهم وبين الناس؟.. بين من يملكون كل شيء والذين لم يعد لهم الحلم او حتى الأمل؟.. قال ديغول لوزير ثقافته مالرو :" لا يمكن بناء وطن لا يؤمن اهله به ولا يثقون بغده، أو بغد أبنائهم " .. وهذه الثقة لا يمنحها سوى سياسيين نزهاء وصالحين.
عندما يقرر البعض أن يبيح لنفسه اللعب على الحبال الطائفية، مرة تجده يهتف باسم سليماني، ومرة اخرى يجلس ذليلا امام اردوغان فأيّ وطنية تتبقى؟ لذلك تتحوّل الوطنية الى نوع من الضحك، لأن كل شيء يتحول إلى عبث وعجز.. وأتمنى ألّا يسخر مني البعض ويقول يا عزيزي صدّعت رؤوسنا بالحديث عن ديغول وتجارب دول الغرب والكتب، بينما نحن نعيش عبثاً من نوع لم يخطر على بال أبرز دعاة مسرح العبث، فعندما يخرج رئيس كتلة سياسية ليتحدث عن طائفة الوزير لا كفاءته، لأنه بحسب قوله "الطائفة هي الشعار الاول" ، كيف سيصدق الناس بكاءه على الديمقراطية عندما يغرد على تويتر: "ان الديمقراطية فشلت في العراق، لانها اعتمدت الحزبية واجهضت الابداع فكانت النتيجة عراقا ضعيفا"؟
ولأن منطق الوطنية غائبٌ والعدالة مقتولة ، صار كل شيء معكوسًا، الطائفة اولا ثم الوطن ، فيما السياسي يُمعن في إساءة استخدام مواقع السلطة، لكي يبيع الوطنفي بورصة المناصب .