وديع غزواناعتدنا في محيطنا العربي ومنه العراق ان ننساق في كل مناسبة الى الهتاف للمسؤول وتمجيده والتهليل له مع انه في واقع الحال ترك الشعب جائعاً محروماً من ابسط حقوقه .. هذه الصورة تغيرت نسبياً في العراق بعد 2003 وصارت المناسبات فرصة لانتقاد اجراءات الحكومة في هذا القطاع او ذاك .
صحيح انه ما زال هنالك خلل كبير في موضوعة متابعة المسؤولين شكاوى المواطنين الكثيرة والكبيرة ,لاسباب متعددة ابرزها الفجوة بين المسؤول والمواطن , لكن بشكل عام هنالك فسحة من الحرية يمكن من خلالها التعبير في الدائرة او اي مكان عام عن رأيك وتتنقد اي مسؤول دون خوف او وجل اللهم الا من المخبر السري الذي لايتورع عن الصاق التهم دون وازع من ضمير! المهم ان هنالك متنفساً لكل مواطن يؤشرلخطوات ترسيخ النهج الديمقراطي وتصحيح ما اصابه من اخطاء وعثرات بعضها ذاتي متأت من عدم فهم حقيقي للتعامل مع مبادىء الديمقراطية بشكلها الصحيح والاخر موضوعي فرضته طبيعة العمليات الارهابية وانعكاساتها على مجمل عمل المكلفين بواجبات امنية .في إقليم كردستان الوضع مختلف نسبياً تخطى فيه المسؤولون ما يجري في بقية انحاء العراق , كما تشعر يوماً بعد آخر بحرص الاحزاب والمنظمات على ان تكون الديمقراطية واقعاً ملموساً وليس مجرد شعارات . بل والاكثر من هذا بتنا نرى المسؤول نفسه ينبري لنقد بعض الاجراءات , ما يعزز التفاؤل والامل بامكانية التأسيس لبناء نموذج واقعي لنظام ديمقراطي يتجاوز عقد السنوات الماضية بكل مراراتها . لانقول هذا من باب الاطراء المجرد من الشواهد التي تؤكد تلك الممارسات النقدية من قبل مسؤولي الإقليم واخرها ما جرى في الاول من أياروبمناسبة عيد العمال العالمي حيث تجاوزت بيانات رئيس برلمان كردستان الدكتور كمال كركوكي ورئيس الحكومة الدكتور برهم صالح والحزبين الديمقراطي والا تحاد الوطني الكردستانيين , المألوف فبعد ان اشادوا بدور عمال كردستان وقفوا بموضوعية وشجاعة ليقولوا ان ما تحقق للعمال دون مستوى طموحاتهم او ما وضعوه من اهداف من بينها انصاف الطبقة العاملة بما يتناسب وتضحياتها . وقال رئيس البرلمان في تهنئته للعمال ( نأمل في المستقبل اعادة النظر في التشريعات النافذة المتعلقة بمجالات العمل والتقاعد والضمان الاجتماعي والصحي , بشكل يتناغم مع الحقوق الا قتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في الدستور والتنمية الحاصلة في كردستان والمساهمة في الارتقاء بالمستوى المعيشي للعمال وذوي الدخل المحدود بشكل ينسجم مع متطلبات الحياة ), في حين يؤكد الدكتور برهم صالح ( بان العمال في كردستان يستحقون حياة افضل .. وحكومة الإقليم ملزمة وفق برنامج مرسوم بضمان حقوق اكثر للعمال ).قد يكون مثل هذا الخطاب مقبولاًً من احزاب المعارضة , غير ان صدوره من مسؤولين واحزاب تتولى قيادة التجربة الكردستانية , يؤسس لثقافة جديدة ومفهوم صادق لمعنى المسؤولية يفترض ان يكون درساً مفاده ان اسمى وارفع درجات الواجب ان تقرن القول بالفعل وان يشعر المواطن بانك جدير بالموقع الذي تبوأته .. درس بان المسؤولية ليست مناصب وكلمات مديح بل التزام وامانة .
كردستانيات :معنى المسؤولية
نشر في: 2 مايو, 2010: 04:58 م