إياد الصالحي
في خضم الأزمة المستعرة بين وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية التي أخذت تنطفئ نيرانها بعد ورود خطاب متزن من الأولمبية الدولية أمس الأول
يؤيّد إجراءات الحكومة العراقية بسحب صلاحيات توزيع المال العام من الأمانة المالية للأولمبية والمضي بإنجاز القانون المرتقب، إنبرى مستشار رئيس الوزراء لشؤون الشباب والرياضة إياد بنيان بكتابة بيان مقتضب يوم الثاني من تموز الجاري عمّمهُ لوسائل الإعلام يُنقّي المدرب عدنان حمد من أية شائبة لحقت به على أجنحة الإشاعة منذ خسارة منتخبنا الوطني أمام قطر (0-1) يوم الأحد 22 حزيران 2008 ضمن التصفيات المؤهلة إلى مونديال جنوب إفريقيا 2010.
خمسة عشر سطراً في ورقة عادية تخلو من شعار الدائرة، وكأنها رسالة شخصية من صديق يزكّي صديقه ويردّ عنه سهام جارحة طعنتْ بوطنيته وكرامته وسمعته وهدّدتْ أمنه وسلامه طوال أحد عشر عاماً دون أن يفتح ثلاثة وزراء تعاقبوا على حمل حقيبة الرياضة أفواههم ليقولوا لا لظلم حمد، فخسارة مباراة لا تعني خسارة شرف الانتماء للوطن مثلما صوّر المتوهّمون ممن أصدروا قرار حرمانه مدى الحياة أو خمس سنوات لا فرق، فقد كان قراراً مُسيّساً ومُسيئاً هضمَ شرّه حمد بالقول (أنهم يريدون إعدامي) !
كيف بمستشار لرئيس سلطة تنفيذية أن تغلب مشاعر تعاطفه رجاحة فكره المعروف عنه وتأخذه نشوة رفقة حمد أيام الدراسة الجامعية ليُسدي له جميلاً بعد مئة وسبعة أيام على تسنّمه منصبه الجديد من موقع يحظى بقوة القرار الرسمي ظناً بحسن نية أن ملف حمد طوي للأبد بمجرد الإعلان عن سِعة حضن الوطن لضمّه وبإمكانه مزاولة المهنة فيه! ولم يتساءل بنيان قبل كتابة بيانه: كيف يتحوّل قرار أصدره رئيس هيئة مؤقتة يتمتع بصفة وزير الشباب والرياضة في حينه جاسم محمد جعفر بعد تشكيل لجنة تحقيقية برئاسة د.صباح رضا (أمين سر اتحاد كرة القدم حالياً) وتكليف جزائر السهلاني الناطق باسم الهيئة حينه (المدير التنفيذي للجنة الأولمبية الوطنية حالياً) لقراءة نص قرار الحرمان يوم 26 حزيران 2008 أمام وسائل الإعلام ونشره في الصحف الرسمية وغير الرسمية ومنها (المدى) ، كيف تتحوّل هذه الحقيقة الى وهم وإشاعة؟
أيها المستشار الخلوق والرياضي السابق والمدافع عن حقوق الرياضيين في حقبة مُظلمة، ألا تعلم إن شهود قرار (الإعدام) كما يصفه حمد، مازالوا أحياء وهم الوزير الأسبق جعفر والسهلاني ورضا كما أسلفنا، والأخيرين شهدا لـ(المدى) في تحقيقين صادمين أعترفا فيهما لأول مرة عن كل أسرار ظُلم حمد، فـ "رضا" قال في 22 أيلول 2015 أن حمد معاقب خمس سنوات وسلّمت أوراق التحقيق الى وزير الرياضة كونه المسؤول عن الهيئة المؤقتة، بينما ذكر "السهلاني" في 29 آب 2017 إن (الوزارة غير معنية بالقضية، وإذا كان الوزير جعفر رئيس الهيئة المؤقتة في تلك الفترة هذا لا يعني أنها مشكّلة من الوزارة نفسها، بل شكّلت بقرار من مجلس الوزراء) أي رمى كل تبعات الموضوع على عاتق الحكومة.
غير هذين التحقيقين أيها المستشار، هناك سيل من الاتهامات والأكاذيب وقلة الأدب التي جرفها الانحطاط المهني لبعض العاملين في شؤون الرياضة من مدربين وحكام وإعلام صبّوا غضبهم وعبرّوا عن إفلاسهم الثقافي بتوجيه اتهامات خطيرة قدّمت حمد على طبق رخيص للقتلة المأجورين بعد أن نعتوه بأوصاف أقل ما تسمى بالدنيئة تتوافق مع المجرمين، ليأتي بيانك ويشير الى (التدقيق والتمحيص) كأن المطلوب البحث عنه مجهول القضية ولا أساس له في قيود الدولة التي توثق كل صغيرة وكبيرة عن شخصيات عامة تشغل المجتمع بأنشطتها المعروفة.
بيانك أيها المستشار دفن عاراً أصاب الحركة الرياضية التي لم تزل مهدّدة اليوم ومستقبلاً إذا ما قدَّم حمد شكواه إلى الأولمبية الدولية وأرفق صورة من بيان عقوبته مدى الحياة، وفي الوقت نفسه برّأ البيان علانية كل الأطراف التي أسهمت في خلق أعداء له على مدى 11 عاماً لم يتركوا وسيلة تحت أيديهم إلا ونفثوا منها سمومهم نحوه.
عدنان حمد مواطن عراقي مخلص، لم يكن بحاجة الى تزكية حكومية مع الاحترام لمبادرة المستشار الطيبة التي ضمّدت بعض جراحه، فتاريخه الكروي يتوجّب أن يُحترم أيضاً من خلال رد الاعتبار له بفتح تحقيق منصف يستدعي كل الشهود وهو على رأسهم ليُدلي برأيه عمّا جرى عام 2008 ويُغلق الملف نهائياً وتوثق الحقائق دون مواربة، عندها يمكن لحمد أن يطمئن لبيئة العمل الفني ويعود للأسود حينما تسود العدالة بـ "سند قانوني صريح"!